للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله الذي خلق من شاء وفهمه لحكمته وأهلك من شاء بعدله وقدرته، كتب القضاء على آدم قبل وجود ذريته وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له له ما أخذ وما أبقى، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام الأنبياء، وقائد العلماء صلي الله عليه وعلى آله وأصحابه بدور الهدى ونور الدجي، والعلماء ورثة الأنبياء، فإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم لينتفع به، فمن أخذه أخذ بحظ وافر.

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} لاسيما الربانيون الورعون، وإذا ذكرنا موت المصطفى صلى الله عليه وسلم شكرنا الله على محكم القدر والقضاء وبعد:

فهذه مرثية في الشيخ الفاضل الورع الزاهد محمد بن مقبل قاضِي البكيرية، صاحب خب المنسي القصيمي العارف بربه تبارك وتعالى، فإنه لما كان لم يرثه أحد من أعيان طلاب العلم قلت هذه الأبيات وأنا في السابعة عشر من عمري تسلية لمن طلب مني ذلك، وكنت لست من أهل هذه الصناعة، ولكني أستمد من الله الإعانة ومنها:

على الشيخ بحر العلم نبكي جميعنا ... بما قد دهانا من عزيز وحاكم

علي فقده تبكيه نجد وإنها ... لفي شدة مما دها من عظائم

فإن قيل من للعلم؟ قيل هو الذي ... تسامي له من بين عرب وعاجم

أصولًا وفقهًا عالم وهو عارف ... بتقرير دين الله بين العوالم

هو العالم النحرير شمسٌ لقومه ... إذا أظلم الليل البهيم لقادم

لقد كان أمس بيننا في مقامه ... وأصبح مأسورًا بأيدي الصوارم

علي فقده نبكي الدموع بحرقةٍ ... ويهطل دمع من عيون سواجم

فلما رأيت الناس كلا جميعهم ... يحلونه بين السهى والنعائم

فقلت لهم بالله ماذا الذي أتى ... عن السيد المعصوم أفضل آدمي