ومن الشواهد على ذكاء سليمان بن عليّ المقبل وقوة حجته أنه كان في أحد مواسم الحج في مكة المكرمة في درس لأحد المشايخ في المسجد الحرام أظنه صالحة الفلسطيني فوقف عليه أحد المصريين وكان البحث يدور حول حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره فقال المصري:
إن الرسول لم يمت، بل هو حيٌّ في قبره فبين له الشيخ أن حياته في قبره هي حياة برزخية ليست من جنس حياتنا.
ولكنه لم يقتنع فسكت عنه الشيخ وهنا انبرى سليمان المقبل، وقال وهو يرفع صوته الجهوري:
يا أيها المسلمون هذا الرجل يقول: إن الرسول لم يمت والله سبحانه وتعالى يقول (إنك ميت وإنهم ميتون) وأبو بكر يقول (من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) ثم تلا قوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}.
فأيهما نصدق، ولكن الرجل أصر على قوله ولم يقتنع بهذه النصوص.
وهنا قال سليمان العلي المقبل للرجل: ماذا تقول فيمن دفن رسول الله صلي الله عليه وسلم أهم الصاحبة أم غيرهم أم نقول إنه لم يدفن؟
فأجاب: بل هو مدفون في قبره في المدينة وقد دفنه الصحابة رضي الله عنهم) وهنا رفع سليمان صوته للناس وهو يشير إلى سقاء كان يحمل على ظهره قربة مليئة بماء زمزم وقال: ما تقول فيمن قام الآن إلى هذا السقاء ودفنه وهو حي؟
فقال: يكون قتله.
فقال سليمان المقبل: إذا أشهدوا أيها المسلمون أن هذا الرجل يتهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم قتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنهم - على حد قولهم - دفنوه في الأرض وهو حيّ، فبهت الرجل وانقطع.