يريد أنه قسم من الناس رديء لكنه يصون لسانه عن الكلام فيه لرداءته، وهذا من المعاني الدقيقة من اللهجة العامية.
لقد جلست مع الشاعر صالح بن إبراهيم الجار الله عدة جلسات سمعت فيها من شعره الكثير، وهو سمح بشعره ينشده ويسجله لمن أراد، لكن بشرط أن يكون ذلك في مجلس أنس، وعند أشخاص يقدرهم، ولكنه كان ضنينًا بأشعار غيره مما يحفظه فكان يبتر القصيدة أحيانًا، وأحيانًا يترك أبياتًا منها إذا كان فيها ألفاظ نابية، أو تتعلق بسب أحدٍ، مع أنني قلت له: إنك في هذه الحالة ناقل، ولست بقائل، فيقول: أنا ما أسب الناس بأسمائهم في شعري ولا حتى بغير أسمائهم إلا أندر من النادر، وإذا كان السبُّ في غير معين فإنه لا يكون سبًّا وهذا صحيح.
وقد جهدت في أن أسجل، وأكتب منه عروس الدوسري التي كان بيتان أو ثلاثة منها سببًا في إثارة الهجاء بين الشاعر عبد العزيز الدوسري قائلها وبين الشاعر علي أبو ماجد من أهل عنيزة، بحيث صارا يتهاجيان بالأشعار، وأعان كل واحد منهما شعراءً من أهل بلدته حتى كاد يصل الأمر بينهما إلى أن يتسع ويخرج عن نطاق التهاجي بين الشاعرين.
وصالح الجار الله يحفظ (عروس الدوسري) وكان أنشدنيها مرة من دون تسجيل، ولم يسمح بأن يفعل ذلك مرة أخرى لا بالتسجيل ولا بالكتابة.
وحجته في كل مرة أن فيها سبًا للناس، ولا ينبغي أن تسجل أو تكتب.
قال صالح بن إبراهيم الجار الله موجهًا كلامه إلى أخيه محمد الجار الله في الرياض:
اسمع جواب من ضميري مسوِّيه ... حطه على بالك وليّاك تنساه
يا راكب اللي من بعيد معنِّيه ... توه جديد من حفيزه شريناه
يشبه كما طير مغدّيه راعيه ... لي شاف له زول بعيد تعدَّاه