قيل: إن والده ضربه مرة وهو صغير عند شيء مما كان الآباء قد اعتادوا على أن يضربوا أبناءهم من أجله.
وكان أبوه فلاحًا، فوجد حمود أناسًا من عقيل على وشك السفر إلى الشام، فتبعهم من دون أن يشعروا به حتى إذا نزلوا أول منزل جاء إليهم، فسألوه عن سبب وجوده؟ فقال: أنا دوّار، والدَّوَّار: هو الذي يبحث عن بعير أو أباعر ضائعة.
ولكنه تبعهم إلى منزلهم الثاني، وأخبرهم بالحقيقة وأنه يريد أن يسافر معهم إلى الشام، فقبلوه على أن يساعد رعاة الإبل وبقي في الشام أربع سنين، يبيع ويشتري مع أنه ليس معه رأس مال إلا الصدق وحسن المعاملة.
ولما جمع مائتي جنيه ذهبية أخذها وعاد بها إلى بريدة، مع ما كان أعده هدية لوالده وأهل بيته، فوجد أن والده قد ركبه دين أثناء غيابه أرهقه، فأعطى والده الجنيهات كلها، وكان أعدها لكي يتزوج منها، ويبدأ حياته.
قالوا: وقد بكى والده وأكثر البكاء لكرم ابنه له.
وقد عوض الله حمود النجيدي عنها بشراء إبل لم يدفع من ثمنها شيئًا بل صار ثمنها دينًا عليه، لأنه أصبح معروفًا بالأمانة، وأداء الحقوق فباعها في الشام وربح منها.
ولشهرة حمود النجيدي ببره لوالده ولكرم خلقه وعظم محبته في صدور الناس تناقل الكتاب قصصه.
فذكر إبراهيم الطامي (في نزهة النفس الأديبة) أن حمود النجيدي عندما جمع مالًا يكفي لزواجه في الغربة والمراد التغريب أي بيع الإبل في الغربية وهي الشام ومصر، وعاد ليتزوج وجد أن والده عليه دين فأوفى دين أبيه بكل ما معه ولم يبق له ما يتزوج به فعاد مرة ثانية إلى الاغتراب، والبحث عن مبلغ جديد يكفيه للزواج.