للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عمله في الشقة لأحضر عنده لأمر مهم، كما ذكر في رسالته فأسرعت ملبيًا طلبه وكنت إذ ذاك صغير السن فخرجت من بريدة قبل الظهر بساعتين ماشيًا وفي صحبة أحد الجمّالين الذين يجلبون الملح إلى بريدة من معدنه في الشقة، وكان الوقت صيفًا على ما أذكر وسامح الله الجمال الذي لم يعطف على مرافقه الشاب بعقبة (١).

وسرعان ما وصلنا بلدة الشقة، ولم أكن أعرف بيت الأخ فطلبت من الجمَّال أن يدلني فلم يفعل إلا بعد إلحاح وإنني لا أطلبه نقودًا فحضرت عند الباب واستأذنت الاستئذان الشرعي، فخرج وهو يرحب بأبي سعيد الذي لبي طلبه على الفور.

وبعد استراحة قصيرة قدم لي ما يقرب من ثمانية أقراص بر وهو ما نسميه بالمراصيع، وقام من عندي فأتيت على آخر قرص وظننته ذهب ليأتي بباقي الغداء، ولكن لم يكن غير ما قدم، ثم أذن الظهر وخرجنا إلى الصلاة، وكان يجلس للإخوان فلم يجلس ذلك اليوم احترامًا للضيف الشاب رحمه الله.

ولدى عودتنا سألني هل أحضرت معك قلمك، فأخبرته بإيجاب فقال ودموعه تتساقط من عينيه: اكتب يا أبا سعيد هذه منظومة نصيحة من بعض الإخوان ينصح إخوانه عمومًا وخصوصًا على الاجتهاد في طلب العلم والبحث وبحثهم على الاجتماع في البحث وتحقيق مسائل العلم ومعرفة الراجح من المرجوح، وما هو أقرب إلى الصواب، واسعد بالدليل وملازمة مجالس الشيخ عمر بن محمد بن سليم، ومراجعته فيما أشكل من المسائل يحث الإخوان عمومًا وخصوصًا، وإن كان مقصرًا في نفسه وقاصرًا من بني جنسه، فقال رحمه الله تعالى:

لك الحمد اللهم يا ذا الفضائل ... ويا خير مأمول لكل النوائل


(١) العقبة هي الركوب القصير على الدابة.