قال: وكان بيت الشيخ الشهير إبراهيم بن حمد الجاسر جارًا ملاصقًا لبيتنا، وكان الوقت وقت القعدة وهي التي تكون في الصيف حيث يكون التمر القديم المخزون قد قل وجوده، وشح عند الناس، ولم تنضج الثمرة الجديدة من التمر الجديد، ويكاد يعدم التمر في مثل تلك الحالة عند الفلاحين وعند غير الأثرياء الذين كانوا يخزنون مقادير كبيرة من التمر تكفيهم.
أقول: نحن منهم فكان والدي رحمه الله يخزن التمر في الجصة ونظل نأكل منه حتى يأتي التمر الجديد فنتركه محبة في الجديد.
قال: ومرة كنت في سطح بيتنا أنا وزوجتي وإذا بقعس وهو النوع الكبير من النمل المعروف عندنا قادم من بيت الشيخ ابن جاسر، ومع ذلك القعس (قمع) تمرة، وهو الذي تنبثق منه التمرة ويظل لاصقًا بها حتى يزال منها.
فقلت لأم عيالي: إبشري بالخير، بسبب ها القعس أنت شفتيه؟ فقالت: أنا شفته، لكن من أين الرزق للقعس؟
قلت: اسمعي الكلام يا مره.
قال: وكان الشيخ إبراهيم الجاسر يجلس في بيت الرشود الصالح أي أبناء صالح بن عبد الله الرشودي، ونخيلهم وبيتهم في الصباخ، كان يجلس لهم بعد صلاة الظهر يقرأون عليه أو يستمعون إلى تقريره وموعظته، وكنت أحضر درس الشيخ عندهم مثل كثير من جيرانهم.
قال: ولما خرج الشيخ ابن جاسر منهم مشيت معه كالعادة، وقلت له: أحسن الله عملك - يا شيخ - جانا البارحة منكم بشير وفرحنا لأننا نحب لكم الخير.
قال: فدهش الشيخ لهذا الكلام، لأن عادة العلماء عدم المزح.