للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إني عند سماع ما ذكرنا بين مصدق ومكذب والحاكي لذلك عنهم بين ظان ومحقق حتى راسلهم بعض الإخوان بالنظم والنثر يسألهم عن ذلك ويخوفهم عاقبة من سلك سبيلا من تلك المسالك، فازدادوا بذلك نفورًا وعنادًا وأحدثوا لأجلها شرورًا وفسادًا، انبعثوا بالشكوى عند الأمير محمد بن رشيد جعله الله من الأئمة المهتدين، ونظمه في سلك أنصار الملة والدين، وأرغم به أنوف العصاة والمعتدين، فرجعوا منه والحمد لله بخفي حنين، واستبان لمن له عقل وبصيرة أنهم من أهل الكذب والزور المبين، وما تخلقوا به من الشكوى هو خلق ضعفاء العقول من النساء والصبيان، واستنوا بطريقة من مضى من أهل الزيغ والطغيان.

ثم إني بعد ذلك وقفت لهم على منظومتين أحداهما تنسب لأحمد الشامي والأخرى لم يُسمِّ صاحبها نفسه ويذكر أنها لفوزان آل علي أو لأخيه اشتملتا على الألفاظ الركيكة والمعاني السخيفة حتى ضحك منها أهل المدارس والطلب وسخر كل من له معرفة بالشعر والأدب، وقد أكثروا فيها من المسبة لعباد الله المؤمنين وتلقيبهم بأوصاف لا تليق بفساق المسلمين، فعند ذلك حملتني الغيرة الدينية والأخوة الإسلامية وإخواني من كل مأمون السريرة والطوية أن أشمر عن أرداني وأذب عن إخواني بما يبدو لي من النظم وأراه وإن كنت في ذلك ذا بضاعة مزجاة، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ولعل من وقف عليها من الإخوان ذوي التحقيق والعرفان يأنف من إجابتهما وينتقد على من أجابهما، وإنهما أحقر من أن يذكر فضلًا عن أن يرد عليهما لبشاعة ألفاظهما، وهجنة معانيهما، فالأمر كما ذكر وقرر، وقد صدق والله في مقاله وما قصر لكني لما رأيت جلالتهما في صدور أصحابهما وأنهم قد استفرغوا مجالسهم في قراءتهما وربما استمالوا لما لفقوه فيهما كثيرًا من العوام وروجوا بذلك على أعمى البصيرة من الهمج والطغام وحملني ذلك على إجابتهما لاسيما والزمان