(جالسًا) هذا فرأوا هذا المكان المونق المنظر، المغري بالنسبة لهم، لأنهم كانوا قد خرجوا يبتغون ش العشب وحمله على دوابهم إلى بلدتهم.
فلما رآهم جالس قد نزلوا في هذا المكان الذي كان قد حماه قبل ذلك تركهم حتى يتيقن أنهم يريدون أخذ العشب منه لا مجرد النزول فيه.
وعندما أخرجوا أدوات الحشيش التي من أهمها المقاشع - جمع مقشعة - وفرشوا المناثر - جمع منثر - وهو الذي يحمل فيه الحشيش جاء إليهم ولم يكن معه إلا عصا غليظة طويلة وقال لهم: أنتم يا الأجاويد ابعدوا عن ها المكان هذا مخلينه لدبشنا.
فلما نظروا إليه وحيدا احتقروه وقالوا له باستهزاء وهم يضحكون:
إبعد يا العبد عنا، وإلا ترانا نخليك تعاونا على الحشيش ونأخذ حشيشك مع حشيشنا، قالوا: يا العبد لأنه أسمر اللون.
فرد عليهم بهدوء ولكنهم أجابوا على ذلك بسب أكثر من الأول.
فقصد أحدهم يريد أن يأخذ منه المقشعة لكي يمنعه بالقوة من الحشيش فرفع هذا المقشعة يريد أن يضرب بها جالسًا، غير أنه كان أسرع منه بضربة من عصاه خر على أثرها الرجل على الأرض فاقد الوعي.
فتبادر الباقون إلى جالس كل يحاول أن يضربه بما في يده من آلات حديدية، ولكنه كان أقوى منهم وأكثر شجاعة، إذ لم تمض مدة قصيرة من جولته معهم حتى كانوا كلهم على الأرض فاقدي الحركة أو فاقدي الوعي.
فأخذ حبالهم التي كانوا قد أعدوها لربط الحشيش فقيدهم بها، وأخذ دوابهم فأدخلها في حوش في قصره ثم حمل الرجال الستة على بعيره مربوطين بحبال كل ثلاثة منهم على جنب من جانبي البعير وأوصلهم إلى أمير بريدة وقص عليه القصة فأرسلهم إلى أمير بلدتهم وأخبره باعتدائهم على جالس الذي يعرف