للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريعة، فحضر كافة رؤساء القصيم يوم الجمعة وأبرموا أمرهم، وتعاهدوا وأن كل أهل بلد يقتلون من عندهم في يوم معروف، ولم يشعر بذلك أحد، فلما مضوا إلى بلدانهم أرسلوا إلى سعدون بن عريعر يخبرونه بذلك واستحثوه بالقدوم عليهم، فبادر في الحال وأمر بالرحيل واستنفر العربان فأقبل بجنوده فحين قرب من القصيم، قام أهل كل بلد وقتلوا من عندهم من العلماء المعلمة، فقتل أهل بلد الخبرا إمامهم في الصلاة منصور أبا الخيل يوم الجمعة وهو قاصد المسجد، وقتل ثنيان أبا الخيل وقتل آل جناح رجلًا عندهم من أهل الدين والصلاح ضرير البصر وصلبوه بعصبة رجله وفيه رمق حياة، وقتل آل شمس (١) أميرهم علي بن حوشان، وفعل أهل البلدان ذلك الفعل وأقبل سعدون بعدده وعدته، وجمع جموعًا من بني خالد وغيرهم.

واستنفر الظفير وعربان شمر ومن حضر من عربان عنزة فأقبلت تلك الجموع ونزلوا بريدة وأحاطوا بها، وبادر منهم رجال القتال فظفر بهم أهل البلد وقتلوهم، وأرسلوا رؤوسهم إلى سعدون فامتلأ غيظًا وغضبًا، وقال إن ظفرت بأهل هذه البلدة قطعتهم إربًا إربًا.

وحين نزل بريدة أرسل إليه أهل عنيزة على سبيل الإكرام والامتثال من كان عندهم من معلمة أهل الدين وهما عبد الله القاضي وناصر الشبيلي، وقالوا: هذان كرامة لك، وهدية منا إليك فقتلهم سعدون صبرًا، ونالوا شهادة وأجرًا، وحمل من ذلك وزرًا.

ثم إن سعدون لما رميت الرؤوس بين يديه، زحف على البلد بجنوده وحصل بينهم قتال شديد، فلم يحصل على طايل، ثم ساروا يومًا آخر على السور وراموا الصعود عليه وهدمه، فقاتلهم أهل البلد أشد القتال عنده فانهزموا عن


(١) هذا تحريف صوابه: شماس.