للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السور وتركوا قتلاهم، ثم رأى سعدون أن يسوق آلاته وجموعه ويهدمون سورها وبروجها، فأقبل بكيد عظيم يشيب من هوله الفطيم، وساقها عليهم وقت الصباح، وتتابع التنادب والصياح، فرجعوا ولم يحصلوا على طائل، فتحسر سعدون لذلك وأرسل إلى أعوانه من أهل القصيم وغيرهم يشاورهم فيما يكيد به أهل بريدة فاتفق رأيهم أن يعمل مدفعًا كبيرًا يهدم به السور، فجمع له أعوانه من أهل القصيم كثيرا من آنية الصفر والنحاس، وجمع المعلمة وأهل الصنعة والمعرفة من الحدادين والنحاسين والصواغين، فقاموا يعالجون صب المدفع وصنعته فكلما أفرغوها في القالب خبت، وكلما أوقد عليها نار فسدت، ففسد عملهم ولم يتم لهم أملهم، فقاموا يراوحونهم ويغادونهم القتال، ويسوقون عليهم الأبطال في الصبح والمساء، والنصر لأهل بريدة في زيادة وثبت الله فيها عباده.

وفي أثناء هذه الحرب بني سعدون قصرًا قريبًا من البلد وأتمه، وجعل فيه رجالًا من قومه، فانتدب إليه رجال من أهل البلد فهدموه وقتلوا أهله.

وفي أثناء تلك المدة أغار سعيد (١) بن عبد الكريم أمير الرس ورجال من بلده على سارحة سعدون، فأخذوا غنم سعدون وهي أربعمائة.

ثم عدا رجال من أهل بريدة على بيت من الشعر جعله عبد الله بن رشيد،

رئيس عنيزة للحرب فأخذوه، وجروه وقتلوا فيه أربعة رجال، وكان رئيس بريدة يومئذ والمقوم لهذا الحرب والثابت في هذا الضرب والكرب، حجيلان بن حمد من رؤساء آل أبي عليان (٢).

وفي كلام ابن بشر رحمه الله هنا ما يقتضي التعليق، منه قوله:

وقتل آل جناح رجلًا عندهم من أهل الدين والصلاح ضرير البصر وصلبوه بعصبة رجله وفيه رمق حياة.


(١) هذا تحريف صوابه: سعد.
(٢) عنوان المجد، ج ٢، ص ١٤٧ - ١٤٨ (الطبعة الرابعة).