وقد ذهب أولئك القوم واعطوا الكتاب لكيير الأعراب فرحب بهم، وسقي إبلهم وملأ قربهم - جمع قربة - وعندما وصل ابن جربوع قال له كبير القوم: ترى كتابك وصل وسوينا اللي تبي.
فعرف القصة، ولم ينكر عليهم، بل قال: الله يبيض وجيهكم انا كتبت الكتاب لهذا.
ولبث في عذفا مدة أطول من أجل أن تجم البئرُ الماء أي يجتمع فيها الماء الكافي، فقال له بعض الجماعة من عقيل، ومنهم فهذا النصار: والله ما نخليهم نبي نضربهم لما يغفون، وإن قاومونا ذبحناهم، فنهاه عن ذلك ولكنه لم ينته فخشي أن يصلهم ضرر فارسل إليهم خفية قائلًا أنتم روحوا مع الطريق الفلاني وحنا مع الطريق الفلاني لما نجتمع في كذا وهو مكان بعيد وأرسل إليهم أحد أعراب المنطقة.
وبذلك سلموا من الضرر.
وقيل: إن إبراهيم السليمان الجربوع أصيب بمرض معد يسمى (بلش) فكان يأخذ فنجاله في مخباته إذا عزمه أحد لئلا يشرب من فنجاله الناس فيعديهم حسب اعتقادهم.
أما أخوه الأوسط (صالح) فإنه كان معنيًا بإبلهم واستصلاحها والإشراف عليها.
وأما الأخ الأصغر وهو (عبد الله) فإنه من نوع خاص من الرجال فهو لم يسافر قط مثل أخويه إلى الشام، وإنما كان يبقى في بريدة مسئولًا عن شئون بيتهم واسرهم في غياب أخويه، وكانوا أول الأمر شركاء في المال، وشركاء في بيت كبير يسكنونه.
و(عبد الله) طالب علم يجالس المشايخ والطلبة وهو شخصية محبوبة للباعة لأنه لا يماكس في البيع والشراء ولا يتأخر في سداد قيمة ما يشتريه منهم.