للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرارة السَّأم، ولكنّهم صبروا تلك النفوس الكرام عن معاطاة أسباب الآثام.

فلما آيس ثويني من مصادمتهم، مد أسباب الغدر ونسج رداء الخيانة والمكر، فأرسل إليهم بالأمان وزين لهم الخروج إلى سائر الأوطان، وحاولهم في ذلك واجتهد، وكان الواسطة بينهم عثمان بن حمد، وكان هو من أولئك الجماعة فظنوا أنه لا يروم بهم مكرا ولا خداعة، فرضوا بذلك وراضوا بعد ما تحدثوا فيه وأفاضوا.

ولما استقر ذلك الأمان بينهم دخلوا عليهم القلعة سريعًا، فعجلوا للمسلمين حينهم، وقتلوا غالب من وجد، ولم ينج إلَّا من هرب وفقد، ونهبت تلك القرية ونال ثويني من ذلك خزية.

ونزل على بريدة واستكن، وناوش أهلها الحرب من بعيد، وهم أن ينزل بهم بأسه الشديد، ويمكر بهم ويكيد، فأخذه الله إن أخذه أليم شديد، فارجف قلبه وفؤاده، وأظهر له من الرعب ما حمله أن يؤم منهزم بلاده، وشتت شمله وجمعه وأجناده، وأضاع هدرًا عليه من المال طريفه وتلاده، فولى خاسئًا مهزومًا مشتتًا مبعدًا مرجومًا.

ولما عزم على المسير خرج من أهل بريدة لنفوذ التقدير نحو سبعة رجال وراموا أن يوقعوا في آخر الجيش نكال، فعجلت إليهم من تلك الخيول فرسان فاقتطعوهم قبل وصول الجدران (١).

أقول: لم يذكر ابن غنام صراحة أن ثويني حاصر (بريدة) وعجز عنها والحقيقة أنه حاصرها بالفعل وأنه عجز عنها ولكن إقامته لم تطل عليها.

وقد سجل ذلك بعض المؤرخين قال ابن بشر:


(١) تاريخ ابن غنام، ج ٢، ص ١٤٤.