للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزبير وعربان شمر وغالب طيء وغيرهم، ومعه من العدد والعدة ما يفوق الحصر، حتى إن أحمال زهبة البنادق والمدافع وآلاتها بلغت سبعمائة حمل، فسار من أوطانه وقصد ناحية القصيم فوصل التنومة القرية المعروفة ونازلها بتلك الجموع وحاصرها.

وقال ابن غنام وهو يذكر مسير ثويني:

فسار بتلك الجحافل الجمة الغزار والجيوش التي لا يحصي عدتها إلَّا عالم الأسرار ولا يحيط بها إلَّا الجبار حافة بتلك المدافع والقنابر الكبار التي لا يقوم عندها حصن ولا جدار ولا يثبت عند رويتها قلوب الصغار والكبار، فلم يزل يجد إلى نجد السير والمسير، ويستدعي في ذلك آراء الرأي والتدبير، من كل رئيس بالحرب خبير، وجليس سيئ البطانة شرير يحلل له دماء أهل التوحيد ويحثه على ذلك ويشير، ويدعي مع ذلك أنه من العلم والمعرفة بالمكان الكبير (١).

إلى أن قال:

ولما ثوى في ذلك المكان والمحل (٢) شرع في مجال القتال وأحدقت بهم تلك الفرسان والأبطال، وأضرمت عليهم المدافع شرر النار، وحث أهل المدافع والرماة، وندب الشجعان والكماة، وحرض ذوي النجدة والحماة، وجلب عليهم بخيله ورجله، ورام هدم التوحيد بأمله، فأبطل الله تعالى كيده ومكره، وأظهر فيه وفي جنوده بأسه وقهره، فحاق به سؤ عمله، واستمرت تلك الأحوال الشديدة من أولئك الجموع العديدة، يقاسون كل ساعة منهم حدة وبأسا، ولكن لا يرفعون إلى المذلة رأسًا، وبقوا أيامًا في ذلك المقام كل يوم تحيط به خطوب الحمام، ويتجرعون


(١) تاريخ ابن غنام، ج ٢، ص ١٤٢.
(٢) يعني بلدة التنومة.