لاسيما في منطقة مثل منطقتنا كان أكثر العلماء فيها يرون الاشتغال بالتاريخ والشعر والأدب الذي لا يتصل بسبب وثيق بأمور الدين حسب تقديرهم من لغو القول، بل من حشوه الذي يشغل عن العلم الصحيح علم أصول الدين وفروعه، وبعضهم يكره الكلام فيه لأنه يتصل بالحديث عن أحوال الناس التي يفهم منها هو أنها من أعراضهم المنهي عن الكلام فيها.
ثم إنَّ هناك شيئًا مهما آخر وهو أن أكثر الناس من العامة إذا طلب المرء منهم أن يحدثوه عما يتصل بأسرهم أو أخبارهم نظروا إليه شزرًا، وربما ظن بعضهم به شرًّا، إذ يسأل الواحد منهم نفسه عما يكون وراء ذلك السؤال، فإذا لم يرد سائله بصريح المقال فإنه قد يقول له بلسان الحال: مالك ولهذه الأمور التي هي من شأننا وحدنا؟ ونحن مثلما أننا لا نهتم بأمور الناس فإن الناس لا يهتمون بأمورنا.
وقد يقول قولًا آخر: وهو ماذا يستفيد الناس من هذا الأمر؟ وما الذي يفيدنا نحن منه؟ وقد يقول ما هو أبعد من ذلك: ماذا عسى أن يكون مراد هذا السائل؟ ألا يخشى أن يتخذ ما يعرفه من أمورنا سلمًا للقدح فينا؟
وتلك قولة قالها أو قال أختًا لها أخ له من قبل، عندما أقدمت على البدء في تأليف كتاب "معجم بلاد القصيم" فكان جوابي عليه في ذلك الحين: إننا إذا كتبنا شيئًا من لا شيء كان ذلك خيرًا من أن نضيف لا شيء إلى لا شيء، إذا كان السلب يصح أن يكون إضافة.
أما بعد أن خرج كتاب (معجم بلاد القصيم) إلى حيز الوجود، فإنني لا أحتاج إلى أن أجيبه بغير أن أقدم له نسخة منه وأدعه يحكم عليه بنفسه.
واليوم أجدني في مقام أنا أحوج فيه إلى أن أمرر ذلك على مسامعه أو مسامع أخيه في القول فأقول: إننا إذا كتبنا شيئًا في معجم الأسر فإنه خير من