لا شيء، أما إذا وفقنا إلى أن نكتب شيئا له قيمته، فإن ذلك هو ما نصبو إليه، وأما بلوغ الغاية في التأليف، فإنني لا أصبو إليه في مبدأ التأليف، وخاصة إذا كان الموضوع غير مطروق والكتاب بكرًا في بابه.
فلبنة أو لبنات تضعها أنت تكون صالحة لأن يأتي بعدك غيرك فيضع فوقها لبنات أخرى، ويأتي آخر فيضيف إلى تلك اللبنات غيرها مثلها، حتى يكتمل بناء الصرح المطلوب من المعلومات، تعتبر إسهامًا منك في بناء هذا الصرح
هذا هو ما حفزني على الإقدام على التأليف في هذا الموضوع لاسيما بعد أن ذكرت ذلك لقراء "معجم بلاد القصيم"، فأصبح بمثابة الوعد اللازم الإنجاز أو الدَّين الواجب الوفاء.
وحتى لو لم يكن ذلك كذلك فإنه لمن ضريبة الكتابة على من يجدون في أنفسهم الأهلية للكتابة أن يسهموا بأقلامهم في حفظ معلومات على وشك أن تضيع، بل هو في الحقيقة إنقاذ لها من التلاشي، وذلك بأن جيلنا الذي عاصر عهدًا مضى، ولحق بعهد حاضر ورأى الفرق بين العهدين يكاد يكون في بعض الميادين الفرق بين النقيضين لهو جدير بأن يكون تسجيله لها أدق، ورأيه في الفرق بينهما أصوب.
وقد حرصت على تسجيل الآثار الشعرية للمترجمين في هذا الكتاب، وإن كان بعضها ليس من الجودة بالمكان الذي أراه.
ذلك بأنني هنا مسجل ولست منتقيًا، فتسجيل الأشعار هنا مثل تسجيل الأخبار، التي قد يوافق المرء على ما سجله منها، وربما لا يوافق، ولكنه يسجلها من باب العلم بها، والإطلاع على مدلولاتها، وبغية أن يجد من يأتي بعده يريد أن يبحث فيها وفي دلالاتها بعض ما يبغي ويريد.