"إشهدوا إن جاب الله لبناتي رزق - يعني زواج - فأنا موكل ناصر العبودي يجوزهن".
وهذا أهم ما في الأمر، أما ملاحظة بيته في غيابه والإنفاق عليه فإنه وكل ذلك إلى والدي أيضًا، مطمئنأ بأنه سيكون كأنه لم يغب عنه.
صار والدي ينفق على بيته من ماله أي مال ابن حامد، وقد خصص كيسًا صغيرًا من الخام عنده النقود ابن حامد يضعها فيه، إذ ترك عنده الاستاد ابن حامد قليلًا من النقود ثم صار يرسل إليه ما يقع بيده من المال لقاء عمله عند الشيوخ بمعنى الحكومة، فكان والدي يضع ما يأتيه منه في هذا الكيس، وينفق منه على بيته، أي بيت ابن حامد.
وعندما عاد ابن حامد بعد تلك الغيبة الطويلة أخذ والدي ذلك الكيس وسلمه إلى ابن حامد، ولم يكن والدي يكتب شيئًا ولا يحسبه، وابن حامد يأخذ الكيس واثقًا بأنه لا يختلف عما إذا كان هو الذي يضع في الكيس نقوده أو يأخذها منه.
وقد تكرر ذلك ثلاث سنوات أو أربع لأن ابن حامد ومن معه من (الستودية) يذهبون قبل الوقت المقرر بقليل حتى يكونوا جاهزين للبدء بالبناء عندما يحين وقته.
كان والدي حريصًا على نقود صديقه علي الحامد، فأذكر أن زوجة علي الحامد جاءت إلينا مرة وكنت صغيرًا فقالت: يا أبومحمد نبي طريفة، والطريفة عندهم هي اللحم، فقال لها: يا أم محمد إلى طرفت عيالي طرَّفتكم يعني إذا اشتريت لعيالي لحمًا اشتريت لكم لأنه لا يمكن أن يستجيب لما تطلبه الزوجة محافظة على مال زوجها ابن حامد، وأذكر أنه كان إذا اشترى لحمًا لبيته اشترى لبيت ابن حامد مثله من كيس ابن حامد.
وكان يجعل عندهم مثلما عندنا إدامًا كان كافيًا مما اعتاد عليه الناس من الودك والسمن والخلع حتى إذا لم يكن في العشاء وهو الوجبة الوحيدة التي تطبخ طبخًا وتحتاج إلى إدام اكتفوا بذلك عن اللحم.