للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلقة مدفع، وما إن أطلقت حتى تحركت قوات المشاة، في حين كانت بعض الوحدات تستكشف الريف، وتسهر على ألا تهاجمهم الحامية والأهالي، وكان علي أزن، مع الدلاة والمغاربة مكلفين بلفت نظر العدو إلى موقع معين، والتظاهر بالهجوم عليه، ولم يكن في ذلك الموقع إلَّا مدفعان، إلَّا أن المحاصرين استرشدوا بدوي المدافع التركية لمعرفة موقع القوات المعادية، التي بذلت جهدًا بلا طائل، كانت النساء وراء الأسوار يشعلن سعف النخيل الجاف المطلي بالصمغ، لإضاءة الميدان للمدافعين عنهم، وكان إطلاق النار من البنادق مستمرًا، ولم تهدأ حدة الهجوم خلال أربع ساعات، لقد تصدى المحاصرون الهجوم الأتراك في كل المواقع، فاضطر هؤلاء إلى الراجع، ولم نكن نرى إلَّا القتلى والجرحى، وقد أدى هذا الهجوم المميت، الذي كان التخطيط له سيئًا، إلى إصابة ٨٠٠ رجل بين قتيل وجريح، ولم يفت هذا المنقلب السيء في عضد إبراهيم باشا، الذي لم يكن يأمل بوصول الدعم، بعد أن توغل إلى مسافة بعيدة في وسط الصحراء، وكان يعلم أن عبد الله بن سعود يعسكر في عنيزة وبريدة (١)، وأن أخاه فيصلًا، الذي كان في حملة استطلاع في أنحاء الرس، يمكن أن يأتي الدعم المدينة المحاصرة، ولكن إبراهيم باشا حافظ على هدوئه، وصفاء نفسه، وكانت بشاشته تواسي جنوده من الإخفاق الذي حاق بهم، وقد كان ينبغي على الرغم من ذلك إيجاد وسيلة للاستيلاء على الموقع، وقام جنود إبراهيم باشا بناء على رأي أحد المهندسين الأتراك في الحملة، بقطع عدد كبير من أشجار النخيل، وقام هذا المهندس الأخرق باستخدام هذه الأشجار بعد أن قطعها إلى قطع متساوية لبناء متاريس ينصب عليها المدافع، ولم يكن هذا العمل الذي أقيم بلا أي رؤية فنية متينًا، وانهار انهيارًا تامًا عند أول هجوم.


(١) في الأصل Roureydeh وأظن أنه خطأ صوابه بريدة كما أثبتنا، ويسمى المكان الذي عسكر فيه عبد الله بن سعود الخميس، (المترجم).