وعندما كبر سنه نزل في دكان في بريدة الرئيسي وهو الذي كان شمال المسجد الجامع الكبير وأصبح فيما بعد سوقًا للخرازين.
قال والدي: فبينما كنت في دكان والدي في وقت القائلة، وكان السوق شبه خال من المارة سمعت صوتًا ينبعث من دكان الحريص فأتيت إليه استجلي الأمر فرأيته مستلقيًا على ظهره، يردد أبياتًا من شعره ذكر لي أنه قالها من ساعته وأن سبب ذلك أنه تذكر بعض أصدقائه ورفقاء أسفاره وبعضهم قد مات وهي:
راح الشويهي واحمد وابن حَسُّون ... الله يخلِّي من بقي من روبوعي
من عُقب ما هم فوق الأنضا يْغَنون ... لِحِّدْ لهم ما عاد فيهم رجوع
يا ناس عن عْيالكم لا تروحون ... لباهم تجيهم علوم تروع
والشويهي من أهل الشقة، وساكن في بريدة، وأحمد هو أحمد النصار النويصري، وابن حسون الظاهر أنه محمد الحسون (الملقب مزوي).
وحدثني والدي أيضًا قال: .
كان جماعة من أهل بريدة نازلين في بيت في إحدى مدن العراق وكانوا كلهم ممن يسمون (الزكرت) الذين يراد بهم أنهم من غير الأثرياء وكان منهم عبد الله الغصن وابن خضير الملقب الخطيب.
وكان أحدهم هو الذي يطبخ لهم عشاءهم وهو مشهور بأنه محب للأكل وقوي الجسم فكانوا إذا اشتروا لحمًا أو شيئًا من الخضار الجيد يجدونه قليلًا في عيونهم ولا يدرون سببه.
وهو يقول لهم: أنا أطبخ لكم عشاكم بلا أجرة، وكثر الله خيري، وأما البركة فأنا ما أضمن لكم إن عشاكم يصير مبروك.
وقد عرفوا السبب الحقيقي في ذلك عندما علموا بأنه يأكل من أطايب الطعام قبلهم.