ومن قصصه أنه كان في سنة من السنوات ليس عنده شيء وقد قرب العيد، وليس لبناته كسوة ولا طعام يوم العيد، وكانت زوجته تذكره بين الفينة والأخرى بحاجات العيد، ويقول لها: يرزقك الله، وكلما قالت له ذلك رد عليها بهذا الرد، وكانت امرأة صالحة، فسلمت أمرها إلى الله، فلما صار ليلة العيد، قالت له: يا أبا أحمد الليلة ليلة العيد وليس لنا شيء، فقال لها كلمته المعهودة، فلما نام الناس تلك الليلة، وإذا بهاتف من السماء يهتف على رجل يقال له عبد الله بن بسام، من أهالي عنيزة، يقول له: يا عبد الله، تنام وأخوك ابن حسن في القصيعة ليس لديه طعام ولا شراب ولا كسوة للعيد، وفي نفس الوقت يهتف الهاتف على محمد الربدي في بريدة بنفس الكلام، فيقوم كل منهما بتجهيز الطعام والشراب والكسوة، ويرسله مع رسوله إلى ابن حسن في القصيعة، فيلتقي الرسولان عند باب ابن حسن آخر الليل في وقت واحد، وينزل كل منهما ما معه عند بيته، فأيقظ ابن حسن زوجته، وقال لها قومي فقد أتى الله بالرزق، ثم قال لها: خذي حاجتك وبناتك ووزعي ما يفضل على الجيران.
ومن القصص التي تدل على ورعه، أنه ذهب ذات سنة للحج وخلف على الناس في الصلاة رجلًا يرضاه الناس في دينه وخلقه، فلما رجع الشيخ من الحج سأل الناس عن إمامهم، ولعله لم يتخلف عنهم، فأثنوا عليه خيرًا ولم يذكروا أنه تخلف عنهم إلا وقتين فقط، ذهب لبريدة وتأخر، فاسترجع الشيخ وسكت، فلما جاء وقت الحصاد وكان الناس يعطون إمام المسجد من نتاج مزارعهم لأنه منقطع للصلاة بهم وتعليم أبنائهم، ولم يكن في ذلك الوقت رواتب تصرف، فلما علم أن الناس يريدون أن يأتوه بشيء، قال: يا جماعة لا تعطوني شيئًا من محاصيلكم هذا العام فسألوه عن السبب، فقال: لقد ضيعتكم، يقصد بتركهم وذهابه للحج، وتخلف خليفته عنهم، فلما ألحوا عليه قال لهم: إن أردتم أن تعطوه أحمد - يقصد ابنه - وأمه، أما أنا فلا أخذ منه شيء، وقصصه كثيرة، رحمه الله. انتهى.