معروض والي جدة إبراهيم باشا إلى والده والي مصر محمد علي باشا: ولي النعمة صاحب الدولة والعناية جناب سيدي.
أعرض على جنابكم أنه لما تم التحرك في غرة محرم الحرام هذا (أي من عام ١٢٣٣ هـ) من الموقع المسمى عنيزة متوجهين إلى قرية بوريدة (بريدة) سبق أن أرسل شيخ القرية المذكورة هجيلان (حجيلان) رجلًا، طالبًا الأمان، إلَّا أنه انتابه الخوف فيما بعد، فوضع بعض الرجال في الأبراج الموجودة بأطراف القرية (أي بريدة)، فلما اقتربنا منها بدأ بإطلاق النار علينا، لمنعنا من دخول القرية، فتم تقريب المدافع إليها على الفور، فهدمت أربعة أبراج، وهوجم عليهم، فلما قتل ستون شخصًا منهم قام الباقون الموجودون على القلاع والمتاريس بتسليم أسلحتهم، ولما تم الاستيلاء على الأبراج والمتاريس الواقعة في الخارج تم الهجوم على القرية، إلَّا أنه كان لهجين المذكور ثلاث قطع من المدفعية، ولهذا فلم يتم الدخول إلى القرية؛ بل تم التضييق عليه من خلال إطلاق المدافع والأعيرة النارية عليه يوما وليلة كاملتين دون انقطاع، فلم يستطع المذكور إزاء ذلك إلَّا أن يطلب الأمان، فأعطي الأمان بشرط تسليم مدافعه ومهماته العسكرية وتقديم ابنه، فتيسر دخولنا بحمد الله تعالى إلى القرية المذكورة.
والحقيقة كان ينبغي عدم منح الأمان لهجيلان المذكور، إلَّا أنه بالنظر لما ورد من نبا من أن وادي شقراء الذي يبعد عنه مسافة أربع مراحل منبع للوهابيين أيضًا، فإننا كنا بحاجة ماسة سواء في شقراء أو في الدرعية ذاتها إلى كمية كبيرة من الجلة والمؤن، وبناءً على ذلك فإننا منحناه الأمان؛ حتى لا نصرف من عتادنا العسكري دون ما فائدة، وإضافة إلى ذلك فإن الشيخ المذكور مسن للغاية، وقد وصل سنه - على وجه التخمين - إلى مائة وعشر سنوات، كما أن كافة قرى وادي القصيم تتبعه، ولهذا فقد قدم شيوخ تلك القرى كلهم، فمنحوا الأمان، وابن المذكور مازال رهينة لدينا، وقبل حوالي عشرين