للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال علي: فجعلت أسكب له من الإبريق والزِّم عليه آخر الأمر حتى شرب ستا وعشرين بيالة من الشاي، وأربعة وعشرين فنجالًا من القهوة! !

ومن الأشياء التافهة أن علي الحصين كان يشكو إليَّ من شدة الحر في القيظ وأنه لا يستطيع النوم في القائلة التي هي وقت اشتداد الحر في وسط النهار، وأنه حاول وسائل كثيرة لذلك فلم يستطع، وذلك قبل وجود الكهرباء.

وكان الناس يؤخرون صلاة الظهر أو يبردون بها حسب تعبيرهم المأخوذ من الحديث (ابردوا بصلاة الظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم)، ولكنهم على وجه العموم ينامون نومة القيلولة.

فقلت له ممازحًا: إذا أردت أن تنام هنيئًا في القائلة في شدة الحر فما عليك إلَّا أن تتزوج بعدة زوجات، فقاطعني بقوله: أنا لم أتزوج بزوجة واحدة، وكان ذلك بالفعل قبل أن يتزوج.

فقلت له: وينبغي أن يكون لك عدد من البنات فطلب مني تفسيرًا لذلك، فقلت له: إن كثيرًا من الناس المتزوجين بأكثر من زوجة يكلفون زوجاتهم بأن يروحوا عليهم أي أنهم يهفون عليهم بالمهفة اليدوية التي هي من الخوص عندما يريدون النوم، فإذا غلبهم النوم تركت الزوجة الهف أي الترويح على زوجها بالمروحة، فإذا كانت حسنة الحظ كان زوجها ثقيل النوم، فلم يشعر بتوقفها عن الترويح، أما إذا كان خفيف النوم فإنه بمجرد أن تقف عن الترويح وهو تحريك (المهفة) التي هي المروحة اليدوية من الخوص فإنه يسبها ويأمرها بمواصلة (الهفّ) عليه وهو نائم.

وبعضم يجعل بناته يروحن عليه وهو نائم، ويكون ذلك طيلة نومه في القائلة، أما في الليل فإن النوم كان على السطوح وهي ليست حارة حتى في الصيف كما هو معروف.