للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التشبيه بشراع سفينة لاح على بعد لغريق ظل في اليم أيامًا وقد سقطت قواه وانهدت من العوم أركان آماله وألبسه الشيطان جلبابًا من جلابيب الياس، وبالكوكب الزاهر الثابت لاح من خلال الغمام الكثيف لرائد سفر في مهمهه وعسآء في ليلة سوداء قد ضلوا طريقهم وفقدوا رواحلهم وصارت السماء كالأرض في أعينهم والمشرق مغربًا والمغرب مشرقًا.

وبالغدير الزلال المتأود طربًا، والمائس عجَبًا وخيلاء ملاعبة للرياح واعتزازًا بكثرة الماء لاح لأحد قوم قد يبست شفاههم، وفغروا أفواههم، واندلعت ألسنتهم بعد طول لهث متواصل وانقلب الضياء في أعينهم ظلامًا، وأصوات الأثير في مسامعهم كأنها أصوات رعد قاصف أو قذف بركان هائل.

لأن هذه الصفات ليس لها من فرحتي إلا مجرد الصورة.

بعد ذلك ناولني السكيتي كتابًا إنه كتاب في نظره أما في نظري فكما ذكرت.

فلما تناولته ولا قميص يوسف عندما تناوله يعقوب، حَلّ في يدي فكانما أوتيت كتابي بيميني بعد أن شاهدت أناسًا أوتوه وراء ظهورهم ... الحمد لله اللهم لا تجعل فيه من أحد غير أخي علي.

قرأته كما قرأت صاحبه من قبل وما أن أتممت قراءته حتى تلاشي وتدهور جميع ما بي مما أحِسُّ به من أذي وقمت وبعد الحمد لله ثم لك كأنما نشطت من عقال، وما أن أتممته حتى لا أحس داء وقمت ولله الحمد، وما بي من قلبة، وما أن أتممته حتى شعرت بأني قد غمست في النعيم غمسة قلت معها يا رب ما رأيت قبل ذلك بؤسًا قط فلك الحمد ثم لصديقي علي ذلك.

وما أن أتممته حتى ازدحمت عليَّ المسرات فلا أدري بأيها أبدأ، بصحتك وسرورك أم برضاك عن كتابي سواء أكان رضا أم تراضيًا، أم ببلوغك الشأو الأقصى في الفصاحة، أم بأخبارك الشيقة الممتعة أم بكرم