للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاتفق مع زوجته الشامية على أن يخرجا إلى بريدة لأنها وطنه ولا يستطيع أن يعيش في الشام، وهو على تلك الحالة.

ويقال: إنها هي صاحبة هذه المبادرة، وإنها قالت له: الأحسن نذهب إلى بلدك، ونربي عيالك هناك.

وقد حملت معها ابنتها الكبيرة إسعاف وابنتها الصغيرة (منيرة) وحملت معها آلة خياطة (مكينة) خياطة تريد أن تتكسب منها عن طريق الخياطة, وصحبت الجميع وهم زوج أعمى وطفلتان وهذه (المكينة) على إبل استغرقت منهم مسافة شهر أو يزيد.

وعندما وصل أبو حمدي إلى بريدة نزل في بيت في شماليها غير بعيد من بيتنا، وصار يصلي في مسجد ابن شريدة الذي نصلي فيه لأن ذلك المسجد في ذلك الوقت لم يكن بعده من جهة شمال بريدة أي مسجد آخر.

وكان ذلك في حدود عام ١٣٥٥ هـ.

لم أعرف للرجل أي حرفة وإنما كان يذهب إلى السوق يشتري أحيانًا شيئًا من الغنم أو المعزى ويبيعها حالًا وكل الأمور الاقتصادية سيئة على الجميع، فالمبصرون لا يكادون يجدون ما يكفيهم.

ولا أدري ما إذا كان لأسرته دخل من ثمرة نخل أو زرع يكون قد ورثه من أبيه أو أجداده وإن لم أكن سمعت عن ذلك شيئًا.

أما المرأة فإنها اكتشفت أن الخياطة بالمكينة لا تدر دخلًا أكثر من الخياطة باليد، لأن معظم الملابس التي تخاط هي للأعراب أما أهل الحضر فإن أهل كل بيت يخيطون ثيابهم بأنفسهم، ومع ذلك صارت تخيط بالأجرة لكي تعيش.

كان أول ما استرعي انتباهنا ونحن أطفال من أمر هذه المرأة الغريبة التي لا يفهم كلامها، حتى إنه يبعث على ضحك بعض الأطفال والنساء، لأنها تتكلم بلهجة شامية لم يسمعوا بها من قبل.