شريطًا فيه شيء من الغرابة، والكثير من الخطوط المتعرجة، وقد تجمعك الأقدار به يوما لتراه إنسانًا متوسط الطول، نحيف الجسم، كليل البصر، ضعيف السمع، وأمن القوى، فلتعلم أنه يحمل بين جنبيه نفسا لا تعترف بالجزع الشديد ولا تعرف الأفراح الصاخبة، ولكنها نفس تعرف المواجهة الدافئة لكل الأفراح والأحزان.
للبعض أن يصف صاحبنا بالحدة والجفاء والشدة، وعبد الكريم ليس استثناءً فإنه فرد من مجتمع حيث نمط الحياة الاجتماعية والإنتاجية بسيط لا يتطلب حلولا تركيبية وإضافات جديدة، لهذا يسود نمط فكري أحادي الطبيعة حاسم قاطع محدد ملتزم بمعيار ثابت وقيم متجانسة واحدة.
كتب عبد الكريم كتبًا كثيرة أغلبها ردود على أشهر الفقهاء والعلماء المعاصرين كالقرضاوي والشعراوي والغزالي وحسن المالكي وغيرهم كثير.
عبد الكريم يعيش في عصرنا ويسكن بيننا ولكن قلبه وأشواقه ومحط رحاله إلى قرون مضت وعصور تصرمت، وأنماط عيش انقرضت، لقد كان بإمكانه أن يكون صاحب جاہ ومنصب ومال ولكنه فضل أن يعيش لمبادئه وطريقه الذي اختاره.
وإذا كان عدد ما زال في تناقص مطرد من أتباع الشيخ فهد العبيد ومحبي عبد الكريم والمعجبين به قد ظلوا أوفياء لمثلهم وأفكارهم إلى آخر لحظة في حياتهم، فإن كثيرًا منهم شبابًا وكهولًا قد اصطدموا بواقعهم وبالبيئة التي من حولهم وبالعوائق والمتاعب التي أوهنتهم، فلم يستطيعوا أن يثبتوا في مراكزهم أمام تيار الحياة الجارف، وهاهم اليوم شيوخًا يقبلون ما كانوا يرفضون، ويتنازلون عما كانوا ملتزمين به، فالوسط الذي يعيشون فيه وكلام الناس ومطالب الأولاد، وتوالي العقبات، وغلبة النساء، كل ذلك قد اضطرهم إلى أن يعيشوا الحياة كغيرهم.
كان يروق لنا أحيانًا أن نجري جردًا إحصائيًا لهم، لنعلم مدى التغير والتحول الذي أصاب الجميع، ونحمده سبحانه على الثبات على الحق في وقت