يحذروا هذا وأمثاله وما دفنه بين جوانحه فقد أبى هذا المدفون إلَّا أن يفضح نفسه، نعم يعرض للإنسان مما يعرض له من إلقاء الشيطان العدو المبين، وإنما دواء ذلك في الشريعة معلوم والشفاء منه محقق بيقين لمن لم يستمر مع هذه الإلقاءات والوساوس الشيطانية ويُساكنها ويطمئن إليها، ولقد كانت تعرض لسادات الأولياء وأفضل الخلق بعد الأنبياء أصحاب رسول الله عليه وعلى آله وسلم ورضي الله عنهم، وما كانت تضرهم لعملهم بإرشاد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، ولما وهبهم الله من الإيمان الدافع لنزغات الشيطان.
ويقال للنقيدان: إن الذي دفنته بين جوانحك دلائل سوء لذلك وصفتها بأنها داخلة في نطاق المحرم وأنها شكوك، وأعظم بذلك، وصحيح أن الإناء بما فيه ينضح، وقد بان ما في إنائك من نضحه في مقالاتك هذه وغيرها، وهذا هو السر الذي أشرت إليه سابقًا.
قال النقيدان في مقالته: فغالب من يتعرضون لتحولات صارخة إنما جاء تحولهم نتيجة تصادم داخلي وتوتر دائم بين أمرين لا يمكن فهم أحدهما فهمًا تمامًا بالإستناد إلى الآخر إلا أن الحديث عن مثل هذه الأحوال جرى اعتباره منذ فترة مبكرة في تاريخ الإسلام من المحرمات، وقد جاءت أحاديث مرفوعة إلى الرسول تشير إلى أن هذه العوارض والشكوك التي تطرأ على المسلم هي علامة صدق الإيمان وأن الواجب على المسلم أن يكتفي بالتعوذ من الشيطان ويطمئن لصحة إيمانه دون أن يعلن الحديث عنها أو يكاشف أحدًا بتفاصيلها.
جواب هذا أن العوارض واردة لأن مادتها تُستسقي من الشيطان وهو ما زال في إغواء بني آدم لكن المسلم مأمور بطردها وإبعادها لا تقريبها ومساكنتها، ثم إن المسلم معه سلاح الإيمان والعلم النبوي الذي نوره يصرع الشيطان ويهدم بنيانه، وما كان الشيطان ليطمع من الصحابة بأكثر من العوارض والتي هي بالنسبة لهم كالزبد الذي يذهب جفاء، أما من جاء بعدهم فكثيرون طمع فيهم الشيطان فلم يكتف