للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم بالعوارض وإنما أخذهم بالشكوك، وذلك لغلبة الجهل وإيثار الهوى واستحكام الضلالة والشقاء، وإلا حتى الشكوك ففي الوحي المطهر ما يمحقها، ونتحدى أي مبطل يورد شكًّا من الإلحاد فما دونه إلا وفي الوحي ما يدحض ذلك ويُزْهقه، فليورد النقيدان علينا شكوكه وعوارضه لنجليها له.

ولو أنه أو غيره ممن اعتراهم وعرض لهم ما عرض في أمر العقيدة أتوا البيوت من أبوابها بأن طلبوا الحق من مظانه وتضرعوا لربهم واستكانوا لهُدوا، وإنما الحاصل أن أحدهم يركب رأسه مُدَّعيًّا أنه شبَّ عن الطوق، فيخوض في كل واد ويهذي في كل ناد باعتبار أنه المنقذ للأمة الكاشف للغمة، والعجب أن يُطلب الهدى من أهل الضلالة، فلقد أنهمك هذا الصنف في الإقبال على علوم الأمم المغضوب عليها، والضالة يطلبون قبس نور من لجج الظلمات، وفاقد الشيء لا يعطيه فازدادوا حيرة وتهوّكًا، ولهذا وصف شيخ الإسلام بمارتن لوثر الكافر.

ولماذا التحرّش بالعقيدة ولماذا الطعن في حملتها من الأئمة الأعلام؟ {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} أما كان الأولى بالنقيدان أن يعالج نفسه مما اعتراه وألمَّ به من العوارض والشكوك بدلًا من أن تتصدّر فيتعدى ضرره إلى غيره ويحمل من أوزار من يضلهم؟

وإذا كان التحدث عن الشكوك يثير الشبهات ويشيعها بين المؤمنين كما ذكر في مقالته، فلماذا وقع هو في المحذور لولا أنه مفتون فقد خاض في الدين منذ سنين، وكلامه ينتشر في الآفاق ونحن نحتج عليه بإقراره فقد قال بعد الكلام السابق: لكون التحدث عن تلك الشكوك والنقاش حولها ضربًا من إثارة الشبهات وإشاعتها بين المؤمنين تنعكس سلبيًّا عليهم، لهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينظر إلى اسئلة صبيغ بن عسل حول بعض آيات القرآن إثارة للشبهات والشكوك أكثر من كونها أسئلة مسترشد أو جاهل.

نقول: وأنت ما كان كلامك في الدين وخوضك إلا إثارة للشبهات والشكوك فما