للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جلل على الجميع وهو نقل قاضي جازان الشيخ عبد الله السليمان بن حميد، ذلك الكفؤ الشديد الأمين، ذو الورع الديني، والدين المتين الذي ما برئت ذمة ولي الأمر برائتها بمثله، ولا فرح الرعية بأحد فرحهم به، ولا حزنوا على مثله كلهم عامة وطلبة العلم خاصة، ذلك بأنه لم يكن عمله منحصرًا في وظيفته التي هي سماع الدعوى والبينة فحسب، بل اجتمعت فيه النصيحة بكل معانيها وجميع وجوهها، فكان مفتاحًا للخير، داعيًا إليه، حاثًّا عليه، حريصًا على براءة ذمة المسلمين، وإصلاحهم، حاضًّا لهم على ما يكفل نجاحهم وخلاصهم، مصلحًا ذات بينهم، مجدًا في تصحيح عقائدهم وأعمالهم، ورفضهم لقبيح الأعمال، ناشرًا في ذلك الرسائل، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر.

ومنهم الشيخ علي بن سليمان الحميد شغل عدة مناصب، آخرها مساعد رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقصيم، ثم رئيس هيئة الأمر بالمعروف في بريدة.

دهسته سيارة في جردة بريدة وسط جمع من الناس، فكان أن نادي بأقصى ما يستطيع من صوت مع أنه في حالة أقرب من الموت إلى الحياة قائلًا: اشهدوا تراي سامحته، إشهدوا تراي سامحته، ثم مات من يومه بسبب هذه الدهسة.

إنها عجيبة من الصعب تصورها لولا أنها مشهودة من كثير من الناس في ذلك اليوم.

وكان علي بن سليمان الحميد لي صديقًا لأنه كان ذكيًّا رقيق الطبع يحب النكت والنوادر، ويسجل المسائل ذات الوضع الخاص في الفقه، ونحوها مما كان العلماء الأوائل يسمونها باللطائف، وكذلك كان يكتب القصائد من الأشعار الفصيحة على قلتها، وحتى الموجود منها كان مقطوعات موزونة، وكان يسجل ذلك في ورقة أو ورقتين، وليس له مؤلف مكتوب فيما أعرفه.

وقد سألت ابنه عبد الرحمن عما إذا كان يوجد الآن شيء في أوراقه مما