والنهي عن المنكر، ولا تأمنوا مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، ولا تغتروا بستره وحلمه، وما فتح عليكم من النعم، فإنه ما أخذ قوم إلا عند غرتهم ونعمتهم وسلوتهم، وهذا الواجب العظيم لا يختص به فرد دون فرد، لأنه صلى الله عليه وسلم خاطب الأمة كلها في قوله (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده) إلى آخر الحديث، لكن على أهل الحسبة، وهم النواب من المسئولية ما ليس على غيرهم، فاتقوا الله عباد الله وحولوا بين إخوانكم، وبين مراتع الهلكة، وذودوهم عن موارد العطب، فإنكم مسئولون عنهم أمام الله، كما ورد في الحديث (إن الجار يتعلق بجاره يوم القيام، ويوقفه بين يدي الله عز وجل، ويقول: يا رب سل هذا لم خانني فيقول يا رب ما خنته في أهل ولا مال فيقول صدق، ولكنه رآني على ذنب كذا من فعل محظور أو ترك مأمور فلم يأمرني ولم ينهني).
فإن أخذتم على أيديهم نجوتم جميعًا، وإن تركتموهم هلكتم جميعًا، فما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه لجبير بن نفيل حين رآه يبكي بعد فتح قبرص، وقد فرق بين نسائهم وذرياتهم، فقال مالك تبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل الشرك وأهله، فقال ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الأمر، أضاعوا أمر الله فصاروا كما ترى.
هذا وأسأل الله تعالى الكريم أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه، وأن يحفظ إمام المسلمين وولي عهده وأسرتهما.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.