وأجلسوه، إذ انخفض رأسه فنظروه وإذا هو قد مات، رحمه الله، وهذا والله أعلم أستجابة من الله تعالى لدعائه في القنوت (اللهم أحيينا بعافية، وأمتنا بعافية، وأبعثنا بعافية، وأدخلنا الجنة بعافية) اللهم آمين.
انتهى كلام الشيخ محمد بن خريف.
هذا ورأيت إثبات ما أورده الأستاذ الأديب عبد الكريم بن صالح الطويان من ذكر الساعات الأخيرة للشيخ صالح بن أحمد الخريصي وبيان سيرته وعلاقاته بالآخرين، لأنني رأيته أجمع من ذكر ذلك، والشيخ صالح يستحق أن ينقل عنه ذلك.
قال الأستاذ عبد الكريم الطويان في كتابه (نبض الحياة):
رجلٌ كان على الأمر الأول:
حين أبيضَّ خيط الفجر الصادق في مشرق مدينة (بريدة) فجر الاثنين الثامن والعشرين من شهر رمضان من عام ١٤١٥ هت، كان الشيخ صالح بن أحمد الخريصي (١٣٢٧ - ١٤١٥ هـ) مستلقيًا في فراشه، بعد أن أسنَّ وبلغ الثامنة والثمانين من عمره، وأقعده المرض، وكانت زوجته الوفية، التي سهرت معه تلك الليلة، تُمرضه في ذلك الصباح، وتتلو على مسامعه آيات من كتاب الله، وكان سمعه معها، ونظره إليها، في تلك اللحظات، فاضت روحه إلى بارئها! ! ليكون آخر شيء سمعه هو كتاب الله العظيم، الذي أحبه، وعاش عمره كله يتلوه، ويحفظه، ويقضي بأحكامه ويتخلق بأخلاقه، ويدعو الناس إلى الاستمساك به، وتدبره وإحلال حلاله، وتحريم حرامه، ويقول لهم بصوته الجهوري (يا عباد الله، إن كتاب الله هو عصمة أمركم، وسبيل نجاتكم وقائدكم إلى مرضاة الله).