أرَاكِ سُهَيْلًا وَكلٌّ العُيُون ... تَرَى فيهِ مِثلي ضِيَاءً بَهَر
وَلسْتِ سُهَيلًا سُهيَلٌ نَرَاه ... كَثِيرًا إذا مَا تَمَادَى السَّمَر
أرَاكَ سَحَابًا تأبَّى الهُطُولَ ... وَفي مَائهِ البَعثُ لو يَنهَمِر
* * *
وَمَا كُنْتِ ذاكَ يفوت بلادًا ... وَيمنَحُ بَعْضَ البلادَ المَطَر
أرَاكِ ضَبَابًا أرَاكَ سَرَابًا ... أرَاكَ عُبَابَ انهزَام البَصَر
أراكِ شِهَابًا أرَاكِ مُحَالًا ... وَشَهدًا تَلحَّفَ ثوبَ إبَر
أرَاكِ مَجَالًا رَحيبًا أمَامِي ... وَأشهدُ فيهِ المُنى تَنْتَثِر
وإلا فإنّكِ مَوجٌ رَهِيبٌ ... تَجِيشُ تَلافِيفهِ بالنُّدُر
* * *
أراكِ فأنْكِرُ أنَّكِ أُنْثَى ... كَبَاقي الإنَاثِ ذَوَاتِ الخُمُر
فمَا كثنتِ يومًا كَأيّةِ أُنْثَى ... وَمَا كُنْتِ أيضًا كَبَاقي البَشَر
وَلا كُنْتِ حُبًّا قرِيبَ المَنَالِ ... وَلا كُنْتِ حُلْمًا أتَي فَانْحَسَر
أرَاكِ أمامِي بأيِّ مَرَايَا ... وَكُلِّ سَرابِ يُرَاه النَّظَر
رُسِمتِ تَمَامًا بشَكلٍ دَقيقٍ ... وَعُودٍ رَشِيقٍ جَميلِ الأطُر
بكُل الدّروبِ وَكُلِّ الظروُفِ ... لديَكِ وَفيكِ رُؤايَ انْحَصَر
وَأسمَعُ صوَتَك رَغمَ الضّجيجِ ... حُرُوفًا تَنَاغَمَ فِيهَا الوَتَر
وَخَصمُك فِي الحُسِن لمَّا أتَاكِ ... أرِيكِ فلمَّا رَآكِ انتَحَر
رَوَائِحُ مِنكِ تَعَطّر حِسِّي ... بأرْقى زُهُورٍ حَبَتهَا الشَّجَر
أرَى فِيكِ كُلَّ الرُّؤَى تَتَرَاءى ... وانْفَضُّ مِنهَا التَّعِيسَ الخَسِر
وأضحِي ضَحِيَّة خَطْوِي مَسُوقًا ... إلى المَوتِ حينَ أطلتُ النَّظر
كأنِّي فَرَاشَة حَقلٍ لعَوُبًا ... تَذُوبُ بنَارِكِ دونَ أثر
لأنِّي مُجَرَّدُ قلبٍ رَقيقٍ ... رَمَتهُ سِهَامُكِ حَتَّى انْفَجَر