قال والدي: فانتدب له والدي عبد الرحمن العبودي وخلف الصانع وكلاهما بواردي مجيد، فخرجا مع كل واحد منهما بندقه قد جهزها، ولما ارتفع الضحي كانا قريبين منه، وأهل الخبرة يعرفون أن الذئاب كالكلاب لا تنام بالليل، فأخذا يزحفان حتى رأي جدي أذنه على البعد تتحرك كأنما يهش بها الذبان، فصوبا البنادق عليه، وعندما نهضا ليريانه نهض ليهرب، ولكنهما أطلقا عليه النار فقضيا عليه بالرصاص.
قال: وكان معهما حمار ربطاه بعيدًا جدًّا أحضراه، ومعهما حبل ربطا به الذئب وسحباه إلى بريدة.
فأخذه الصبيان والفتيان وصاروا يجرونه في الشوارع وينشدون النشيد المعروف بهذه المناسبة:
وشي تجرون؟ هذه تقولها طائفة منهم، فتجيبها منهم طائفة أخرى قائلة: نجر الموذي.
فيكرر الأولون ما قالوه: وش تجرون؟
فيجيبهم الآخرون هكذا: نجر الموذي، من الأذى.
قال والدي: وبعد مضي يوم كان كثير من لحم الذئب قد ذهب، إذ كان بعض الجهال يعتقدون أن أكل شيء من لحم الذئب يبعد الوحشة، وعدم الجسرة عن الإنسان لأنهم يزعمون أن الجن تهرب من الذئاب، ولذلك قالوا في أمثالهم:(جني شايف ذيب)، يضرب للنفور من الشي.
أما المشايخ وطلبة العلم فإنهم ينهون عن ذلك، لأن لحم الذئب حرام لأنه من السباع المفترسة.