للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طبيعة البلاد لأنها أجبرت أهليها على إعمارها، وإقامة أعلام التمدن فيها رغمًا عما هناك من سوء أصحاب السياسة والإدارة الذي كان في عهد الاستبداد، إذ وجد بينهم من كانوا بمنزلة المعاول بيد الزمان دائبين في تأخير البلاد وتخريبها، وجرها إلى المهالك والمهاوي فضلًا عما كانوا يفتحونه على الرعية من أبواب الجور والظلم، ويطلقون عليها عقال العسف والغشم.

ومع ذلك فلقد قويت عليهم طبيعة هذا القطر المبارك وأجبرتهم على إعمار تلك الخطة فاصبحت لؤلؤة البرية، وسوقًا قائمة لأهل البادية.

سبب تسميتها وضبط إسمها وتقدمها: سميت بالخميسية نسبة إلى عبد الله بن خميس (وزان كبير) (١)، وهو رجل من أبناء القصيم (٢)، قرية من القرى التابعة لبريدة إحدى عاصمتي القصيم، والبعض يلفظونها خطأ مصغرة أي بضم الخاء المعجمة الفوقية، وفتح الميم بعدها ياء ساكنة مثناة تحتية مشددة وفي الآخر هاء، والذي دعاه إلى بنائها هو أنه كان مع جماعة فاضلة من النجديين ممن كانون يوالون فالح باشا السعدون أيام كان السعد يخدمهم والتوفيق يرافقهم أيام كانت كلمتهم نافذة، وصولتهم عظيمة في بلاد المنتفق وما يجاورها.

ثم قلب الزمان ظهر المجن لآل السعدون، وذلك أن هذه العشيرة استاءت من حكومة ذلك العهد لكثرة ما ضيقت عليها الخناق فرفعت عليها راية العصيان وللحال أرسلت الحكومة جندًا في أواخر أيام تقي الدين باشا في منتصف سنة (١٢٩٧ مالية ١٨٨١ م) لمناوأة بني السعدون والتنكيل بهم، فاضطر المنتفق إلى الإمعان في برّ الشامية وظلوا هناك حينًا من الدهر، وكانوا يمتارون من سوق الشيوخ.


(١) وزان: أي على وزن (م).
(٢) الصحيح: القصيعة.