في صيف عام ١٣٥٤ هـ خرج حمود الفهد الدحري وسليمان العبد الله بن عمر من الجوف متجهين إلى أهلهما في بريدة بعد وصولهما من عمان إلى الجوف وكانا قد سافرا إلى الأردن لغرض تجاري ووصلًا إلى قارا من قرى الجوف وتزودا بالماء وأخذا طريقهما إلى بريدة، ولما وصلا إلى نفود اللبة ذنفد ماؤهما وكانا متجهين إلى مورد الحيانية لأخذ الماء وسقيا بعيريهما ولكنهما ضلا الطريق إلى الحيانية ودخلا بنفود اللبة وأوغلا فيه حتى عجزا عن مواصلة السير لنفاد مائهما واشتداد الظمأ على نفسيهما وبعيريهما فأناخا راحلتيهما فألقى سليمان بن عبد الله بن عمر زمام ناقته على أصل شجرة وربطها إلى الشجرة ربطا ضعيفًا تستطيع أن تخلص ناقته نفسها وتسير في الصحراء وتنجو من الموت لتجد الماء أو تجد من يأخذها.
أما حمود الفهد الدحري فقد عقل ناقته شحابها لتبقى بجانبه أملًا في النجاة والحياة، وقد أيس ابن عمر من أمل النجاة فحفر لنفسه حفرة واضطجع فيها تحت ظل شجرة ارطاة فمات!
أما حمود الفهد الدحري فقد بقي يرقب الصحراء ومن يمر بها وهو جالس وممسك بناظور يتطلع إلى ما حوله ومعه وعاء سمن يلعق منه بين فترة وأخرى، ومعه حبات من الحلوى يضعها في فيه بين فترة وأخرى، وقد توفي وهو قاعد وممسك بيده الناظور وباليد الأخرى وعاء السمن وقد كتب ورقة قبل وفاته بعد انقطاع أمله في النجاة من الموت يخبر في الورقة أنه ورفيقه أضربهما الظمأ وماتا عطشا، ولم يمسهما أحد بسوء.
وقبل موته خلع تركيبة أسنانه فهو رجل كبير السن ووضعها في منديل مع الإخبارية التي كتبها في الورقة ووضعها في جيبه.