هذا الفصل بذكر معاملات أهالي تلك الديار ونقودهم التي يتعاملون بها وأوزانهم وما ضاهي هذا المعنى.
وأول كل شيء نقدمه للقارئ هو أن يعلم أن المعاملات في تلك الأرجاء تجري في البيع والشراء على أحسن وجه، وكلها لا تتعدى أحكام الشريعة المنيفة.
ولهذا لا يعرف الربا ولا بيع العين بالعين مثلًا، وإنما يجري عندهم نوع من البيع إلى مدة أو إلى آجال معينة بزيادة في القيمة عن حالتها الأولى في حين بيعها مثلًا: إذا اشترى رجل بضاعة، وليس له ما يدفع قيمتها يقول للبائع: انتظر عليّ مدة كذا وكذا وأنا أدفع لك ثمنها مع زيادة كذا تعويضًا للضرر الحاصل من تأخير الدفع.
وأما النقود التي يتعاملون بها فغريبة السعر لأنه يتغير من حالة إلي حالة، والنقود هي وبعبارة أخرى: إن أسعار الدراهم تختلف باختلاف الوقت، فإن زادت مقاديرهم انحطت أسعارها، وإن قلت: ارتفعت فهي كالسلعة أو الطعام، مثلًا لو فرضنا أن الليرة تساوي اليوم ٩ ريالات فيأتي يوم وإذا قيمتها أصبحت ١٠ ريالات أو بالعكس ٨ ريالات ونصف، مع أن الليرة باقية على حالها، وهذا السعر يختلف أيضًا إذا زادت الرغبة في النقود الفلانية دون الفلانية وكذلك الحاجة إليها.
وأروج النقود اليوم في ديارهم وأكثرها تداولًا عندهم هو الريال الفرنسوي وقيمته عندهم في هذا العهد اثنا عشر قرشًا صحيحًا ونصف على حساب نقود بغداد و ٥٠ متليكًا أو فرنكان و ٨٣ سنتيمًا، وهو أساس جميع معاملاتهم، وقيمة هذا الريال فقط ثابتة لا تتغير، والنقود الذهبية تباع وتشتري به، ومن دراهمهم النافقة عندهم الليرة العثمانية وقيمتها تختلف بين عشرة أريل، وأحد عشر ريالًا، وبدل الليرة الإنكليزية ليرة عثمانية وريالان