وأبدى الشيخ المنيع استغرابه من استبعاد المعطيات والطرق الفلكية الحديثة في التعاطي مع مسألة رؤية الهلال، وهي مسألة، كما هي فقهية هي أيضًا من صلب علم الفلك، وكان مثيرًا للاهتمام تعليق المنيع على نصيحة زميله اللحيدان، فقد قال المنيع (ونصيحة فضيلته (اللحيدان) لإخوانه علماء الفلك، ومن يرى من علماء الشرع الاستعانة بعلم الفلك، بأن ينبذوا الهوى، ويثبتوا على الشرع، ويلزموا الجماعة، ويتقوا الله ربهم، فنقول: جزاك الله خيرًا يا أبا محمد على هذه النصيحة التي نحن وأنت محتاجون إليها، وسامحك الله إن كنت ترانا نتبع الهوى، فأي هو نتبعه؟ هل علم الفلك أراء شاذة لا يقول بها إلا من يتبع الهوى؟ أم هو علم له مقوماته وقواعده وأصوله ونظرياته، التي وصلت بالإنسان إلى أن يتخطى الأرض وغلافها ويصل إلى آفاق من الكون وغرائب الفضاء، واستكشاف الكثير من خصائص الكون وتركيباته؟ ونحن تجاه التشكيك في هذا العلم أو إنكاره كالنعامة تدفن رأسها في التراب وتنكر ما حولها).
ليس من شأننا هنا التوسع في هذه المسألة الفقهية، ولكن لم يكن من الممكن مقاومة هذه اللحظة السعودية القليلة الحدوث، وهي لحظة التكاشف والرد والسجال، بين رجلين ينتميان للمؤسسة الدينية التقليدية.
أما لماذا هي لحظة قليلة الحدوث، فلأن الطبيعة المحافظة تجنح دائمًا إلى إظهار الصورة بشكل كامل ومثالي، وبأن الجميع على رأي واحد، لا خلاف بينهم، وأيضًا من دواعي الاهتمام أن التنوع في الرأي، والاختلاف في الاجتهاد، هو ظاهرة صحية، ودليل على ثراء المجتمع، فحينما تتعدد الاجتهادات وتتنوع الاختلافات فهذا دليل على عافية ثقافية، ونضج اجتماعي، لا يساوي الاختلاف في الرأي، بالخيانة أو المروق من خيمة المجتمع.
وإذن، فحسنٌ أن يختلف السعوديون، رجال دين، ومثقفون ومفكرون، وأهل