ولذلك، ومن هنا ربما قال أحد علماء السلف، وهو يحيى بن سعيد القطان:(ما برح أولوا الفتوى يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه)، كما ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء.
لكن أهل الشعارات الذين يرفعونها بدون أن يفقهوها، يتعبوننا ويتعبون أنفسهم، حينما يرفعون شعارات صماء، لا ينفذون إلى مساماتها ونسيجها الداخلي ليخبرونا: ما هي الشريعة بالضبط؟ وأين أصابع الواقع فيها، وأين (اجتهاد) الفقيه؟ وأين ضغط الواقع واعتبارات المصالح وحساباتها؟
الجميل في مداخلة الشيخ المنيع هو إشارته المهمة حول أن رؤية الهلال ليست شأنًا يخص أهل الشرع وحدهم، بل شأن له جوانب أخرى تتعلق بأهل اختصاص آخر، هم أهل الفلك، وإن صيام رمضان يخص المسلمين كلهم وليس أهل الشرع فقط.
الأمر الذي يقودنا إلى السؤال: أليس الاقتصاد أيضًا علمًا له أهله، وفيه نظرياته، وله قوانينه وثقافته وقواعده، ويهمُّ الناس كلهم؟ وكذلك الطب النفسي والسياسة وعلومها، والتربية ونظرياتها.
أليست كل هذه المجالات، كما أنه لها (نوافذ) على الدين، فلها (أبواب) على مجالاتها الأصلية، أبواب يعرف مفاتيحها ومغاليقها أهل الاختصاص؟
ليت هذه الملاحظة الجديدة، والمثيرة تهطل على كل هذه البقاع التي أشرنا إليها حتى لا تعوق الحشائش زهر الربيع ونواره من الطلوع. انتهى.
مقارنة:
بين يدي الآن كتابة لعبد الرحمن. . . الذايدي الذي نعرفه حقًّا وبين الأستاذ المثقف المتعمق مشاري الذايدي، وربما دل ذلك على عظم الفارق في الثقافة بين الرجلين فعبد الرحمن الذايدي ردئ الخط والإملاء.