فقال الربدي: التمر ما يصير تمري حتى أقبضه منك وأنا ما قبضته، ثم أمتنع عن أخذ الدراهم وعندما حال الحول أخذ مثله من التمر الجديد الذي في ذمة ذلك الفلاح.
ورواها بعضهم على النحو التالي:
كان للربدي تمر عند أحد الفلاحين في الخبوب قد عرفه وفرزه الفلاح، والربدي مشهور بكثرة ما له من التمر وأنه يبيع أكثره على الأعراب، وغيرهم لأنه لا يستطيع خزنه كله أو أكثره لكثرته، فنزل في ذلك الخب أعراب يشترون تمرًا، بسعر طيب جدًّا، ففرح الفلاح بذلك وباع التمر الذي للربدي على البدو بثمن جيد أفضل من ثمن التمر في سوق بريدة، ثم ذهب بالنقود فرحًا إلى الربدي، ولكن الربدي قال: أنا ما قبضت التمر، ولا يحل لي أخذ ثمنه، فبهت الخبي - صاحب الخبوب - وقال: وش أسوي أنت تبي تمرك مني وأنا ما عندي تمر غيره، قال: سو التي تبي.
قال: كيف ما أعطيك دراهمك؟ فقال الربدي: هذولي ما يصلحن لي وإلى جت السنة الجاية عطنا تمرنا من الثمرة الجاية، الله يلحقنا وإياك خير! ! !
وهذا فيه ضياع مبلغ كبير من النقد الحاضر في ذلك الوقت في حالة ما إذا سلمت ثمرة نخل الفلاح وسلم هو فإن الفائدة التي يأخذها التجار على تأجيل هذا المبلغ هي كبيرة جدًّا، ولكن ورع محمد الربدي حمله على ألا يبالي بشيء من ذلك.
ورويت قصة أخرى مثل هذه القصة وهي أن الربدي ديَّن جد (القاسم) أهل رواق تمرًا، ويعرف ابن قاسم وغيره أن الربدي ليس بحاجة إلى التمر في نفسه وإنما يريد أن يبيعه لذلك عندما جاءه فريق من الأعراب يريدون شراء التمر بسعر جيد باعه عليهم من بين ما باع، وجاء بالريالات الفضية الكثيرة إلى (محمد الربدي) وأعطاه الريالات قائلا: يا عم، جاب الله رزق بالتمر وبعناه على البدو بيعة طيبة، وصفيناه وهذي دراهمه، فقال الربدي: من أمرك ببيعه؟