للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليصنعوا لهم عشاء منه، وأنه نفذ ما طلبوا منه، فبدأ الغضب على حمد بن نجيد فسأل الخادم عن أولئك البدو، أين ذهبوا؟ فخبره أنهم في المجلس ينتظرون العشاء، ثم قال له: (عساك ما قهويتهم؟ ) فرد عليه: لا، فعند ذلك دخل عليهم وتظاهر بالترحيب بهم، وكان يردد: الله يحييكم، الله يحييك، الله يحييكم، ثم قال: أشغلنا الدبا ولا حصل نأتي لكم بقهوة، فقال أحدهم: نحن والدبا فرقين (أي قسمين)، والكل منا ما يصير معذور.

ثم اعتذر إليهم بأنه لا يملك قهوة الآن، فلما نضج الطعام قال لأبنائه: تريدون أن نقتلهم قبل العشاء أو عند تقديمه إليهم؟

فقالوا: بل نقتلهم عند تقديمه إليهم، فوضع الطعام بين أيديهم.

وبينما كان هؤلاء البدو ينتظرون الإذن لهم بالأكل جرد الأبناء سيوفهم وسلطوها على رؤوس هؤلاء المعتدين وقتلوهم عن آخرهم، ثم ألقوهم في البئر الذي سُمي فيما بعد بـ "خنيزان" لشدة نتنه من رائحة جثتهم.

وفي الليلة نفسها أمر حمد أبناءه وأهله بحمل أمتعتهم وأموالهم والرحيل عن مسكنه في النبهانية.

ثم ساروا وتوجهوا نحو عنيزة، ونزلوا بها، ومن الغد رأى الابن الأكبر محمد أن يذهب إلى قصرهم ومزرعتهم ليرى حالها بعد رحيلهم عنها، وفي الصباح وقف عند الزرع فإذا بخيل الأعراب قد سرحت عليه، فخاف منهم واختفى بالزرع، حيث توقع أنهم علموا بقتل إخوانهم، وبينما هو كذلك إذ اقتربت فرس منه، وصارت تأكل من الزرع الذي فوق رأسه، فقفز عليها وركبها وسار بها مسرعًا إلى عنيزة، فلحقت بها بنتين لها أحدهما دون العساف والأخرى صغيرة ذات ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم لحق بها الباقي، ودخل عنيزة ومعه هذه الخيل، فلقبه أهلها بـ "أبا الخيل".