ولا يختار لحمل السفارة المذكورة إلَّا رجل كفء لها يملأ عين المرسل إليه، ويحسن أن يبلغه ما طلب منه، ويحسن أن يذكر له ما قد يطرحه مما لم يطلب منه، ولكنه وكل إليه عرفًا أن يقوله ويفعله، من هذا النوع تلك السفارة التي بعث بها الملك عبد العزيز بن سعود فهد بن علي الرشودي إلى الأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد، وذلك أنه بعد معركة البكيرية التي انتصر فيها الملك عبد العزيز وأهل القصيم في المعركة، التي دارت بين جند ابن رشيد ومعهم جنود الأتراك النظاميين في البكيرية التي انهزم فيها جيش ابن رشيد وقتل أكثر جنود الترك بقي الملك عبد العزيز آل سعود ومعه أهل القصيم وطائفة من أهل نجد نازلين على الرس، وبقي عبد العزيز بن متعب بن رشيد، ومن معه على الشنانة وعماد جيشه خيالة من شمر فترة طويلة، وكان فيها ابن سعود مستندًا على القصيم في المؤن بل والرجال إذا احتاج إلى زيادة منهم، أما ابن رشيد فإنه ليس وراءه أمكنة يمتار منها، أي يزود جيشه من المؤن منها.
وقد صار جنده يقطعون نخيل الشنانة ويأكلون جمارها ثم صاروا يأكلون النحيت وهو الذي يكون بجانب جمارة النخل ولكنه ليس حلوًا ولا لذيذًا كالجمار، وصارت خيولهم لا تجد العليق الكافي.
ومع ذلك بقي ابن رشيد صابرًا في محاذاة ابن سعود لا يستطيع أن يهاجمه، وابن سعود لا يريد مهاجمة ابن رشيد لأن معه خيلًا كثيرة من شمر، ففكر الملك عبد العزيز بن سعود في وسيلة تؤلب جماعة ابن رشيد عليه، وتجعل قومه من شمر وأهل الشمال يرتحلون من مكانهم أو على الأقل تنشر الفرقة والخلاف بينهم.
فطلب الملك عبد العزيز من فهد الرشودي أن يذهب برسالة منه إلى عبد العزيز بن رشيد يقول فيها: يا عبد العزيز بن متعب بن رشيد، لقد تضرر المسلمون من طول هذه الحرب وامتدادها وتعطلت مصالحهم، والواجب عليَّ أنا وأنت إننا نحقن دماء المسلمين على الأساس السياسي التالي: