قالوا: ولم يكن معه مال يشتري به دابة وإنما وضع كل ما عنده مما يمكن حمله مما هو عزيز عليه في محدرة لها حبل قوي طويل مربوط بعروتيها.
وحملها ابنه راشد لأن الأب كان كبير السن لا يستطيع حملها مع مشقة المشي.
فكان راشد يعلق المحدرة وهي كالزبيل الصغير في رقبته إذا كان يمشي بها قاصدين بريدة.
وعندما وصلا إلى بريدة بعد مشاق ومتاعب كانت المحدرة بما فيها قد أثرت في رقبة راشد فصار فيها شبه ميل مؤقت فأسماه أهل بريدة (أبو رقيبة) لأنهم لم يكونوا يعرفون اسمه من قبل، مثلما سموا رجلا من الهويمل (أبو حلمة) لأن في جبهته سلعة صغيرة وهي لحمة زائدة كأنها حلمة الثدي.
قالوا: فلحق به اللقب، ومع ذلك كان راشد الرقيبة قد حافظ على تلك المحدرة فكان علقها في مكان مصون من مخزنه في بيته لكي يتذكر نعمة الله عليه إذا رأها بعد أن أعطاه الله من الغني والجاه والرفعة في بريدة ما لم يكن يحلم به أمثاله.
وأذكر مرة أنني كنت عند شيخنا الشيخ القاضي عبد الله بن محمد بن حميد وعنده شخص من الرقيبة فسألني الشيخ عن كيفية مجيء راشد إلى بريدة فأجبته بما سمعته مما ذكرته هنا فانبرى الشخص المذكور يفند ذلك ويقول: هذا غير صحيح وإنما سبب تسميته بأبورقيبة أنه لما وصل إلى بريدة رأي قرعة تباع اسمها عند أهل الوشم (أم رقيبة) فقال: بكم أم رقيبة هذي.
فسماه الناس من ذلك الوقت (أبو رقيبة).
وهذا يرد عليه أن يكون أهل الوشم يسمون نوعًا من القرع (أم رقيبة) وقد سألت طائفة منهم عن ذلك فنفوه، وقال: نقول للقرعة مثل غيرها إذا كانت ذات رقبة أم رقبة، ولا نعرف نوعًا من القرع يسمي بهذا الاسم.