وقد رأى عيسى الرميح رحمه الله أن يستثمر الأموال التي حصل عليها في مشروع يعود بالنفع المالي والديني عن طريق الثواب الجزيل - فبدأ بإجراء عين كانت تجري في القديم، وهي في منطقة كانت فيها عيون تجري في القديم، وذلك في بلدة قصيباء في شمال القصيم، مع علمه بصعوبة ذلك وأنها تستهلك أموالًا كثيرة، ولكن بلغنا عنه أنه قال: إن العين الجارية التي يغرس عليها النخل هي من أفضل الأعمال، فالنخل يأكل منه أهله ويأكل منه الضيف وحتى الذي يمر به من دون أهله حتى اللصوص قد يأخذون منه خفية فيكون في ذلك أجر لصاحبه، لاسيما إذا سامحهم.
وقال: حتى الطيور والسباع تأكل من ثمرة النخل ما دامت عليه لم تجدَّ وتكنز.
أما التمر إذا أدرك جداده وأخذ من النخل فإنه يكنز ويأكل منه الناس طيلة العام.
وهكذا كان، فقد أجرى العين المذكورة، ولكنه صار مقصدًا للأضياف وبخاصة من البوادي الذين كانوا يقدمون إلى بريدة أو يصدرون عنها في وقت كانت فيه بريدة من أكبر أسواق البيع والشراء على الأعراب.
فكان أولئك الأعراب وهو لا يعرف أحدًا منهم وغيرهم من المسافرين يقصدون عيسى الرميح في قصيباء ليأكلوا من ضيافته السخية، وليناموا في قهوته في فصل الشتاء البارد.
سمعت والدي رحمه الله أكثر من مرة يثني على عيسى الرميح، ويصفه بالكرم، ويقول: إنه أجرى عين الماء وغرس عليها نخلًا ولكن الأضياف أكلوه حتى لحقه الدين.
ولم أكن فهمت معنى هذا إلَّا في كثرة المسافرين من الأعراب وغيرهم الذين يمرون به يستضيفونه حتى حدثني الشيخ عبد الله بن صالح المحسن من