أهل الشيحية وكان والده فلاحًا فيها، وقد عين الشيخ عبد الله مدرسًا لدينا في المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة فكان حدثني بذلك أثناء وجوده بمعهد الجامعة.
قال: عندما كنت مع أهلي في الشيحية شرد لنا بعير كان أهلي يتركونه يرعى حولهم ويعود في الليل، ولكنه في ليلة من الليالي لم يعد، فطلبوا مني أن أبحث عنه حالما يطلع الفجر، قال: فأعطتني أمي تميرات أكلتها حالما غادرت الشيحية بحثًا عن البعير الضائع لكوني بحاجة لها، ولكي أتخلص من حملها بيدي.
قال: وسألت كل من صادفت على قلة من صادفتهم عن البعير فكلهم أشاروا إلى جهة الشمال الشرقي، ولكنني لم أجد البعير.
وعندما غربت الشمس كنت في حالة بائسة من التعب والجوع، وكان الوقت في آخر الشتاء فلم أجد إلَّا أن أذهب إلى قصيباء فدلني أحدهم على محل عيسى الرميح ونصحني بالذهاب إليه.
قال: فوجدته جالسًا في صدر المجلس والقهوة الحارة المبهرة بالهيل تعطر رائحتها المكان والنار واقفة - أي موقدة بالحطب الجزل، فسلمت عليه فرد عليَّ السلام، ولم يلق لي بالًا لأنني وجدت أعرابًا يصل عددهم إلى بضعة عشر قد سبقوني إليه، ثم جاء بعدي ثلاثة أو أربعة وهو يعرف كما يعرف غيره أن أولئك القادمين عليه، وأنا منهم كانوا في غاية الجوع والحاجة إلى الطعام، ولا يمكن أن يطبخ لهم طعامًا، لأن عددهم غير معروف إذْ قد يزيدون.
فجاء اثنان من أهل قصيباء ذوي اللون الأسود الذين يعملون عند عيسى بمثابة العمال وليسوا مماليك له، وهما يحملان زبيلًا مليئًا من التمر أظن أن فيه خمسين وزنة أي نحو ٧٥ كيلو قرامًا من التمر، وقال: سموا، أي سمو الله وابدءوا بالأكل.
قال لي الشيخ عبد الله بن محسن فاقبلنا عليه إقبال الإبل العطشى على الماء