للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطالبة رئيس محلة الحويزة ناصر الجوهر بإعلان العطوه لجاره الكرادي، والاستعداد لتأدية الفصل وإرضاء عائلة حمود الشريفي بكل وجه من الوجوه.

وفي أثناء توجه أبو الخيل ورُفقتَه إلى محلة الحويزة اعترضهم حنظل في الطريق، وهددهم وشتمهم، وهمَّ بقتل علي الأفندي (الصالحي) غير أن علي أفندي قد كان حذرًا، وعلى توقع الخطر، فعاجله بطلقة خرّ صريعًا بها فسال دمه في المكان الذي قتل فيه الشريفي قبل يوم واحد.

فماجت المدينة وارتبكت الأحوال فيها ومدت البنادق من السطوح، النجادة يرمون الحضر، والحضر يرمون النجادة بالرصاص، ولكن الرمي كله قد كان طائشًا في الهواء.

وعندما رجع أبو الخيل إلى منزله أخذ يضرب أخماسًا بأسداس، ويقدح زناد الرأي يقلب الفكر للنجاة من هذه المحنة، وتجسمت أمام بصيرته وخامة العاقبة، وسوء الحال فضاق بالحرج الشديد، فهداه اجتهاده بالرأي المرتجل إلى أن يصرف الجميع إلى مهمة عامة، فيثير الشعور بالواجب الجماعي، ويوّحد المدينة في تلك الليلة، ويشغل أبناءها جميعًا برعاية الخُلقُ المطلوب فقرّ على عزمه الفردي أن يحرق أحد الدكاكين الخالية ليجعل الناس مشغولين بإطفاء الحريق ويتركوا الرمي وينزلوا من السطوح للاهتمام بحمل القِرَب والدلاء لمعالجة هذا الحريق بنقل الماء، فتقدم إلى دكان خاصٍ له مملوءٍ بالأخشاب والأكياس الخالية وأضرم النار في بابه الخشبي، وأمر أحد رجاله أن يصيح مناديًا: حريق ... حريق .. يا جماعة حريق .. يا أهل السوق حريق، فتجاوب القوم حريق .. حريق، وقد أمل أبو الخيل أن يكون هذا الفعل داعيًا إلى جمع أهل البلدة، وردعهم عن الخوض في الفتنة التي استيقظت وأسفرت عن وجهها مشتعلة ملتهبة كان المتصيدين في الماء العكر على موعد معها، قد كان أبو الخيل يتصرف بقلب سليم النية، وغايته إنقاذ البلاد من فوادح القتل، وتبادل الرصاص بين الجيران.