للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو مريض مرض لا يستطيع ركوب الناقة أبدًا، ولما صار الموعد الذي حددنا قال أميرنا للمريض: حنا نبي نمشي وأنت إن شاء الله تطيب والجماعة فيهم خير يبي يبقي عندك من الجماعة ناس، وإذا عافاك الله فخلك معهم.

يقول ابن سعيد فلما حملنا الركايب وبدأ بعضنا يركب على ذلوله وأنا من ضمن الذين ركبوا لم يرعني إلا أن المريض ناداني يا محمد السعيد: تعال أبيك، نزلت عن الذلول، ولما جلست عنده وإذا هو يبكي، فقلت: وراك تبكي؟

ولم يرد علي وإنما أدخل يده في مخباته وأعطاني كيسًا فيه اشوي نيرات (١)، وهو يبكي، وقال: عطهن والدي والبكاء يزيد وخبر والدتي بوضعي.

كيف يا أبو عبد الله تتركني في غزة ما رأيك في حالة الوالدة إذا شافت الجماعة، ولا شافت ولدها؟ فما كان مني إلا أني أنخت ذلولي ونزلت زهابي، ولما رآني أمير العقيلات، قال: وراك يا محمد وهقتنا وأنت الدليلة، فقلت:

والله ما يبكي بوجهي واخليه ... يا ويش عذري لي وصلت الحبيبة

وقالت لي وين افهيد وانته امخاويه ... جيد أتخبرني بكر المصيبه

أبنتظر لي من ربي يعافيه ... كلٍّ بها الدنيا يلاقي نصيبه

يقول ابن سعيد ولامني الرفاقه على فعلي ومشوا الطيبين.

وبقيت عند فهد، ولما صار لي أسبوع اشرت عليه أني أعمل له مركب على ذلوله ويصير كأنه على الفراش، فقال: رأيك هو المبارك، وهو يريد إرضاي وإلا ما يستطيع الركوب ولو هو نائم.

عملت له خمس خيشات مليتهن من تبن البردي وشددتهن على ذلوله وحملته عليها ومشينا وكل ما أمشي مسافة أسأله عساه مرتاح، ولكن ليس مرتاحًا.


(١) النيرات: جنيهات ذهبية.