للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمشكل عليَّ أنه لا يطعم طعامًا يساعده بل يقول إذا أنا مِتّ سلم لي على والديّ الغالين عليَّ.

والرجل ينقص من شدة المرض، ولما مشيت خمسة أيام وإذا الكبريت الذي معي لإيقاد النار خالص، فضاقت علي الواسعة كيف أعمل؟

وفي وقت صلاة الظهر من اليوم الخامس وأنا في أشد الكربة الذي ما مر علي مثلها، كيف أعمل؟ أفكر في نفسي أنا في بر ولا حولي أحد، وأنا أعرف الطريق ما فيه أحد، والمسافة ليست قريبة والمريض يبيني أعمل له دويفة.

رفعت رأسي أنظر للشمس هل الظهر قريب أو باقي، وفي لحظة رأيت دخان واقف كأنه عمود، فميلت عليه وأنا راكب وماسك رسن ذلول المريض أخاف تفز ويطيح، فلما وصلت الدخان الذي أنا رأيت وإذا هو بيت ناس من الغنمي (١).

وقفت بعيدا عن البيت ونزلت عن ذلولي وصوت: يا أهل البيت، فلم يرعنيّ إلا عجوز رأسها كأنه شعلة نار فقلت في نفسي هذا بيت جن فقالت العجوز: ياهلا ويا مرحبًا، تفضل شب النار وتقهو، فقلت: بارك الله فيك أنا ما أستطيع التأخر، معي مريض وعازتي أبي شخط (٢)، وانتي ما قصرتي، فقالت: معك مريض؟ قلت: نعم، قالت: ما له شر وعبيد ما يرضى أنك تروح وانت ما تقهويت.

خل المريض يجي عندي أداويه وأنا أم اعبيد، فقلت: ما يستطيع ينزل.

ولم تنظر لقولي بل ذهبت إلى المريض وأناخت الذلول، فلما رأته، قالت: بكل بساطة ماله شر ياولد، ادجيله (٣)، وهالحين أعطيه علاج ويشوي إن شاء الله، هاته لم الرفه (٤).


(١) الغنمي من الصلبة أهل الشمال، ويتميزون بالنظافة، وجمال النساء.
(٢) أي كبريت لإيقاد النار.
(٣) الدجيله مرض يصيب البطن.
(٤) الرفه داخل بيت الشعر.