ومنهم سعيدان ... السعيدان شاعر عامي مجيد، خفيف الظل، لطيف الشعر، حلو المفاكهة حتى كان ظرفه سائرًا في أهل القصيم كلهم.
حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم الربيعي الشاعر المشهور من أهل عنيزة قال حدثني والدي إبراهيم الربيعي وكان إخباريًا راوية للاشعار والأخبار العامية قال:
كان سعيدان ... الشاعر من أهل بريدة خرّازًا وكان الناس يأتون إليه من أنحاء القصيم وبخاصة من جهة الخُبُوب وأعلى القصيم.
وكانت له عادة إذا حَلَّ موسم التمر أو موسم القمح أن يخرج من بريدة، يبيت في أقرب خبوب بريدة إليها، فيتعشى فيه ويبيت عند أهله، ويكون مقامه عند أكثرهم استعدادًا لذلك، فيجتمع في الليلة التي يكون فيها (سعيدان) في ذلك الخب جمع كبير من أهل الخب أنفسهم، ومن جيرانهم الأقربين فيمضون أكثر الليل يستمعون إلى كلامه وشعره ثم إذا كان من الغد انتقل إلى الحب الذي يليه، وفعل فيه فعلته في الذي قبله، ويأتي إليه أهله يسمرون عنده ويجلسون إليه وهكذا من خب إلى خب إلى أن يصل البلدة التي خلف الخبوب فيصنع بها كذلك حتى يصل إلى الرس وهو آخر البلدان التي يصلها فيقضي فيها بعض الوقت.
ثم يعود إلى بريدة، وبعد ذلك يكون أهل كل قرية أو خب قد جمعوا له من التمر أو العيش منهم ومن القرية التي تليهم ما جمعوا ولكنهم يقدرون ذلك بأن يكون حملي بعير من التمر أو حملي بعير من القمح في موسم القمح لا ينقص عن ذلك، فيجتمع له أهل الرس والخبراء مثلًا وحدهم، وأهل الخبوب الغربية القصية مثلًا لوحدهم وأهل الخبوب القريبة لوحدهم، فإذا جمعوا ذلك أرسلوه إليه فباع من ذلك حملًا، وأبقى ثمنه عنده وأدخل الحمل الآخر في بيته.
قال الربيعي: قال والدي: وكان إذا تخلف عن عادته في الخروج إلى الخبوب والقرى أرسل أهلها إليه، واستحثوه على القدوم عليهم.