للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حينما تعود الغربة

قلبي من الإشفاق دومًا يخفق ... والعين مني جفنها لا يطبق

وبدا النحيب بأضلعي فكتمته ... فتلهب الصدر الضعيف المرهق

فتحولت زفراته دمعًا على ... صفحات وجه قصيدتي يتدفق

قرئت عليها محنتي فنسجتها ... شعرًا فكدت من المصيبة أخنق

حاولت أن أصف الحياة سعيدة ... فغدا لساني حائرًا لا ينطق

أنا من ترون لعل وصفي غامض ... أنا من أكون لعل شعري يصدق

قد كنت في أرض الجزيرة مكرمًا ... فمضي رفاقي والكرام تفرقوا

وفقدت أهلي، والعشيرة كلها ... ومضيت أقتحم الظلام وأشفق

فرأيت بحرًا كالدجى فعشقته ... من جاء بحرًا عاشقًا لا يغرق

ورأيت فوق البحر ألف سفينة ... والموج ينصت والظلام يحدق

فسألت عن قومي هناك فلم أجد ... إلَّا وجوهًا بالخنا تتفيهق

فعرفت أني غارق في غربتي ... وعرفت أني في قيودي موثق

فبحثت عن بدل يؤمن روعتي ... ونفضت فكري فاستفاض المنطق

فطويت عالمنا الرهيب لا نتقي ... بلدا تصان به الحقوق وتعتق

فرغبت أمريكا فأسرعت الخطا ... وعلى جبيني للعدالة بيرق

فرأيت أخدودًا يحيط بأهلها ... والنار تقتحم الفضاء وتحرق

قلبت وجهي في السماء فشدني ... للأفق صوت للضلالة يسحق

فإذا بمئذنة تحلق في الفضا ... وتدوس أروقة الطغاة وتمحق

فمضيت نحو الصوت حتى شدني ... وجه يكاد من الوضاءة ينطق

فهمت منه مقولة أسعى لها ... ويهلل التاريخ لو تتحقق

قال: اصطبر فصروح أمريكا هنا ... تهوي تباعا، والصباح سيشرق

ورأيت في الأفغان رسم صحيفتي ... لكنها في كل يوم تخرق

وذكرت أندلسا فقلت سنلتقي ... ورحمت نفسي فالطريق مطوق

ورأيت آثاري هناك ... كأنها حلم يردده سفيه أحمق

وسمعت في الصومال صوتًا خافتًا ... ورايت شلوًا بالبنادق يرشق