ولمحت وجهًا شاحبًا متخوفًا ... قد مات جوعًا، والعدوُّ يصفق
وعيون أمريكا تتابع خطوتي ... ولها على أثري غراب ينعق
ووحوش أوروبا تجمع كيدها ... والغدر يكنز والصداقة تنفق
ضاقت عليَّ الأرض وهي فسيحة ... والنفس من هول البلية أضيق
ورجعت مغمومًا ألوم قضيتي ... وأغربل الدنيا ولا أترفق
قلبت طرفي حائرًا مترددًا ... فتبدت البلقان هولًا يطرق
أمًّا تقاد وطفلة منكوبة ... وهناك شيخ بالسلاسل يشنق
والعرض منتهك وما سمع الندا ... أواه كم قتلوا هناك وأحرقوا
أتت الفيالق أرضها تترى وما ... يلفى لاصحابي هنالك فيلق
عذرًا سراييفو فلست بمخفق ... لكن قومي في القيادة أخفقوا
وأتيت للأقصى فكبلني الأسى ... لما رايت خيانة تتملق
وتحول المعراج - يا لتعاستي - ... شيئًا يقال وملك من يتزندق
ورأيت حول الظالمين مؤملًا ... فطفقت في أماله أتعلق
فلعل في أرض العروبة مؤئلًا ... ولعل فيها صاحبا يتصدق
ورأيت أملاكًا تباع وتشتري ... ومطارد السراق أصبح يسرق
ورأيت عدة حربهم مجموعة ... وبها نحور الأبرياء تمزق
وعيونهم مفتوحة لصديقهم ... أما العدو فكم عيون تغلق
وقلوبهم شتى وما جمعوا لوا ... وعدوهم من حولهم يتحلق
حتى إذا اشتغل الفؤاد وعاينت ... نفسي مقاتلها، وشاب المفرق
أخذت فتاة الحي تمسح أدمعي ... ومع الحنان جمالها يتألق
فسألتها من أنت؟ ! قالت: لا تسل ... فالصحوة الكبرى ضحى يتفتق
فتبسمت وتساءلت من أنت يا ... شوق المحب فكنت منها أشوق
إني أنا الإيمان طال عناؤه ... واليوم أنهار السعادة تغدق
عانقتها ومزجت رسم زفافها ... بدمي، وكل دخيلة ستطلق