شالت الطحين والصاج والحطب ودخلت في صفة المقبرة بعد صلاة العشاء حسب الشرط الذي بينهن، قالت الثانية لزوجها: أنا راهنت افلانه على كذا وكذا ولا تخلين، اخاف يروح اذهبي.
فقال: بسيطة، وصار يرقب الحرمة التي تبي تسوي القرصان، ولما بدأت تسوي القرصان خلع ملابسه وصار بين القبور عريان وصار يزحف ومرة يتدحرج حتى قرب إليها وهي تعمل القرصان بكل طمأنينة، فقال لها: الله يجزاك بالخير، يا خويلتي انا من أهل هذه القبور ووالله أني من يوم أموت ما ذقت الأكل وأنا جوعان جدًّا.
وكان عندها عراجد من عراجد النخل فأخذت العرجد وضربت به هذا الرجل، وقالت له: حنا عجزين عن طعام الأحياء بعد طلعتوا علينا يا أهل القبور؟
فقام الرجل وهرب وقال لزوجته: راح اذهيبك يالحبيبة، الله يخلف عليك.
ولما رجعت سلمتها الذهب وانتهت القصة على خير.
قال الجديعي: نقلتها عن الرجل الفاضل سليمان المحمد السلماني من سكان الصباخ ببريدة.
كما روى عنه قصة أخرى غير طويلة:
قال عبد الله بن علي الجديعي الشاعر:
قصة صاحبة الصندوق والعاقبة للمظلوم سمعتها من السلماني.
كان رجل له زوجة وله ولد، ولما كبر الولد زوجه والده زوجة طيبة وصاحبة معرفة وصارت تتولى شئون البيت مثل الطبخ وإدارة المنزل، وكانت خفيفة الحركة، وفيما مضى من الزمان لا يعرفون الأطباء ولا يوجد عندهم صيدليات، ولكن هم يعرفون أشياء بالتجارب وكانوا إذا أراد أحدهم أن يعمل