في معهد إعداد المعلمين أذكر أنني تلك الليلة لم أنم، وكنت أحمل همًا كبيرًا، وكان في مادة الحساب للصف الرابع الابتدائي وكان الفصل مليئا بالطلبة وجملة كثيرة من زملائي مع المدرس المشرف علينا، وهذا الحشد والجمع خطأ مع أول درس في حياة الإنسان.
وأمضيت في التدريس سنوات وأنا لم أستوعب الأهداف الأساسية ولا أفرق بين الأهداف والوسائل، وكنت مع زملائي المدرسين في الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وكنا لا نعرف ولم نستوعب خصائص كل مرحلة أي خصائص الطلبة لأن لكل سن خصائص، فالأطفال في الابتدائي لهم أساليبهم وظروفهم وتصوراتهم وأحلامهم وآمالهم وهم أيضًا سهل انقيادهم وسريع تأثرهم حيث يقول علماء التربية ما معناه:"إن أعظم مراحل عمر الإنسان التي يستوعب فيها إلى السنة السادسة من عمره" قال لي زميل عزيز في المرحلة الابتدائية إن علينا أن نقدم لهؤلاء الطلبة شيئًا نفيدهم فيه غير التدريس داخل الفصل.
وكنت في ذلك الوقت لا أدرك حقيقة هذا الكلام الغالي النفيس، فأين نحن عن طالب المرحلة الابتدائية نغرس فيه المثل ونعتني فيه ونتابع ما علمناه ونؤكد عليها اليقين في الأمور الأخرى ومراقبة الله عز وجل ونغذي فيه جوانب الخير والإحسان وجميل الأخلاق وحسن التعبد وبر الوالدين وصلة الأرحام وإحسان الجوار وغير ذلك.
كنا في المرحلة الأولى يهمنا ضبط الفصل وإتقان المنهج واستيعاب الطلبة وحمل الطلاب على ذلك بالقوة، ونعتبر ذلك دليلًا على نجاح المدرس في عمله وشدة محافظته على أمانته، وكان ينقصنا كثيرًا أن نعلم أهمية التشويق داخل الفصل ومراعاة الممل عند الطلبة واكتشاف المواهب لديهم وترك بعض من الوقت للتنفيس.